قال محمد بن إسحاق : عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان : أن رجلاً من أصحاب رسول الله ﷺ كان قد شهد أُحداً، قال : شهدنا أُحداً، مع رسول الله ﷺ أنا وأخي ورجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله ﷺ بالخروج في طلب العدو قلت لأخي : أتفوتنا غزوة مع رسول الله ﷺ ؟ والله ما لنا من دابة نركبها، وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله ﷺ، وكنت أيسر جراحاً منه؛ فكان إذا غلب حملته عقبة؛ حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون. وقال البخاري عن عائشة رضي الله عنها :﴿ الذين استجابوا للَّهِ والرسول ﴾ الآية، قلت لعروة : يا ابن أختي كان أبوك منهم ( الزبير ) و ( أبو بكر ) رضي الله عنهما لما أصاب نبي الله ﷺ ما أصابه يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا فقال :« من يرجع في أثرهم »، فانتدب منهم سبعون رجلاً فيهم أبو بكر والزبير. وروي عن عروة قال قالت لي عائشة إن أباك من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح. وكانت وقعة أُحُد في شوّال، وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة، وإنهم قدموا بعد وقعة أحد، وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك إلى النبي ﷺ واشتد عليهم الذي أصابهم، وإن رسول الله ﷺ ندب الناس لينطلقوا معه ويتبعوا ما كانوا متبعين، وقال :« إنما يرتحلون الآن فيأتون الحج ولا يقدرون على مثلها حتىعام مقبل »، فجاء الشيطان يخوف أولياءه فقال :﴿ إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ ﴾ وقال الحسن البصري في قوله :﴿ الذين استجابوا للَّهِ والرسول مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ القرح ﴾ إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ورجعوا، فقال رسول الله ﷺ :« » إن أبا سفيان قد رجع وقد قذف الله في قلبه الرعب، فمن ينتدب في طلبه «، فقام النبي ﷺ وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وناس من أصحاب رسول الله ﷺ فتبعوهم، فبلغ أبا سفيان أن النبي ﷺ يطلبه فلقي عيراً من التجار فقال : ردوا محمداً ولكم من الجعل كذا وكذا، وأخبروهم أني قد جمعت جموعاً وأني راجع إليهم، فجاء التجار فأخبروا رسول الله ﷺ بذلك، فقال النبي ﷺ :» حسبنا الله ونعم الوكيل « فأنزل الله هذه الآية ».