وقوله :﴿ وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ أي بارتكاب محارم الله وتعاطي معاصيه وأكل أموالكم بينكم بالباطل ﴿ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾ أي فيما أمركم به ونهاكم عنه. عن عمرو ابن العاص رضي الله عنه أنه قال : لما بعثه النبي ﷺ عام ( ذات السلاسل ) قال : احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال : فلما قدمنا على رسول الله ﷺ ذكرت ذلك له، فقال :« » يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب «؟ قال : قلت يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فذكرت قول الله :﴿ وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾ فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله ﷺ ولم يقل شيئاً » وأورد ابن مردويه عند هذه الآية الكريمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ :« من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً »، وفي الصحيحين :« من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة » وفي الصحيحين أيضاً عن جندب بن عبد الله البجلي قال، قال رسول الله ﷺ :« كان رجل ممن كان قبلكم وكان به جرح فأخذ سكيناً نحر بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله عزَّ وجلَّ : عبدي بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة » ولهذا قال تعالى :﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلك عُدْوَاناً وَظُلْماً ﴾ أي ومن يتعاطى ما نهاه الله عنه معتدياً فيه، ظالماً في تعاطيه، أي عالماً بتحريمه متجاسراً على انتهاكه ﴿ فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً ﴾ وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، فليحذر منه كل عاقل لبيب ممن ألقى السمع وهو شهيد.
وقوله تعالى :﴿ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ الآية. أي إذا اجتنبتم كبائر الآثام التي نهيتم عنها، كفرنا عنكم صغائر الذنوب وأدخلناكم الجنة، ولهذا قال :﴿ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً ﴾، وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة فلنذكر منها ما تيسر. قال أبو جعفر بن جرير عن صهيب مولى الصواري، أنه سمع أبا هريرة وأبا سعيد يقولان : خطبنا رسول الله ﷺ يوماً فقال :« » والذي نفسي بيده « ثلاث مرات ثم أكب فأكب كل رجل منا يبكي لا ندري ماذا حلف عليه، ثم رفع رأسه وفي وجهه البشر فكان أحب إلينا من حمر النعم فقال :» ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة ثم قيل له ادخل بسلام « ».


الصفحة التالية
Icon