« لعلك قبلت أو لمست » وفي الحديث الصحيح :« واليد زناها اللمس » وقالت عائشة رضي الله عنها : قلّ يوم إلا ورسول الله ﷺ يطوف علينا فيقبل ويلمس، ومنه ما ثبت في الصحيحين : أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الملامسة هو يرجع إلى الجس باليد على كلا التفسيرين، قالوا : ويطلق في اللغة على الجس باليد، كما يطلق على الجماع، قال الشاعر :
ولمست كفي كفه أطلب الغنى... وقال ابن جرير وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : عنى الله بقوله ﴿ أَوْ لاَمَسْتُمُ النسآء ﴾ الجماع دون غيره من معاني اللمس لصحة الخبر عن رسول الله ﷺ أنه قبَّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ. وقالت عائشة : كان رسول الله ﷺ يتوضأ ثم يقبل، ثم يصلي ولا يتوضأ، وحدث عروة عن عائشة : أن رسول الله ﷺ قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ، قلت : من هي إلا أنت؟ فضحكت. وعن أم سلمة أن رسول الله ﷺ كان يقبلها وهو صائم ثم لا يفطر ولا يحدث وضوءاً.
وقوله تعالى :﴿ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً ﴾ استنبط كثير من الفقهاء من هذه الآية أنه لا يجوز التيمم لعادم الماء إلا بعد طلب الماء، فمتى طلبه فلم يجده جاز له حينئذ التيمم لحديث ( عمران بن حصين ) « أن رسول الله ﷺ رأى رجلاً معتزلاً لم يصلِّ مع القوم، فقال :» يا فلان ما منعك أن تصلي مع القوم، ألست برجل مسلم «؟ قال : بلى يا رسول الله ولكن أصابتني جنابة ولا ماء، قال :» عليك بالصعيد فإنه يكفيك « ولهذا قال تعالى :﴿ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً ﴾ فالتيمم في اللغة : هو القصد. تقول العرب : تيممك الله بحفظه أي قصدك ومنه قول امرىء القيس شعراً :

ولما رأت أن المنية وردها وأن الحصى من تحت أقدامها دامي
تيممت العين التي عند ضارج يفيء عليها الفيء عرمضها طامي
والصعيد قيل : هو كل ما صعد على وجه الأرض، فيدخل فيه التراب والرمل والشجر والنبات وهو قول مالك، وقيل : ما كان من جنس التراب كالرمل والزرنيخ والنورة وهذا مذهب أبي حنيفة، وقيل : هو التراب فقط، وهو قول الشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهما واحتجوا بقوله تعالى :﴿ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً ﴾ [ الكهف : ٤٠ ] أي تراباً أملس طيباً، وبما ثبت في صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان قال، قال رسول الله ﷺ :» فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهوراُ إذا لم نجد الماء «


الصفحة التالية