﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ﴾ [ القصص : ٨٨ ] كل شي يفنى ولا يبقى إلا الله تعالى، كما قال :﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجلال والإكرام ﴾ [ الرحمن : ٢٦-٢٧ ]، وقوله :﴿ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ تمسك به من ذهب إلى أنه ليس من شرط الكلالة انتقاء الوالد، بل يكفي في وجود الكلالة انتفاء الولد، وهو رواية عن عمر بن الخطاب رواها ابن جرير عنه بإسناد صحيح إليه، ولكن الذي يرجع إليه هو قول الجمهور، وقضاء الصديق أنه الذي لا ولد له ولا والد. ويدل على ذلك قوله :﴿ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ﴾ ولو كان معها أب لم ترث شيئاً لأنه يحجبها بالإجماع، فدل على أنه من لا ولد له بنص القرآن، ولا والد بالنص عند التأمر أيضاً، لأن الأخت لا يفرض لها النصف مع الوالد بل ليس لها ميراث بالكلية.
وقال الإمام أحمد عن زيد بن ثابت أنه سئل عن ( زوج وأخت لأب وأم ) فأعطى الزوج النصف والأخت النصف، فكلم في ذلك، فقال : حضرت رسول الله ﷺ قضى بذلك، وقد روي عن ابن عباس وابن الزبير أنهما كانا يقولان في الميت ترك بنتاً وأختاً إنه لا شيء للأخت لقوله :﴿ إِن امرؤ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ﴾ قال فإذا ترك بنتاً فقد ترك ولداً فلا شي للأخت، وخالفهما الجمهور فقالوا في هذه المسألة للبنت النصف بالفرض، وللأخت النصف الآخر بالتعصيب، بدليل غير هذه الآية، وهذه الآية نصت أن يفرض لها في هذه الصورة، وأما وراثتها بالتعصيب، فلما رواه البخاري عن الأسود، قال : قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله ﷺ النصف للبنت والنصف للأخت.
وفي صحيح البخاري أيضاً عن هزيل بن شرحبيل قال سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال : للابنة النصف وللأخت النصف وأت ابن مسعود فسيتابعني، فسأل ابن مسعود فأخبره بقول أبي موسى فقال : لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي ﷺ النصف للبنت ولبنت الأبن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت، فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود : فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم.
وقوله تعالى :﴿ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ ﴾ أي والأخ يرث جميع مالها إذا ماتت كلالة وليس لها ولد أي ولا والد، لأنها لو كان لها والد لم يرث الأخ شيئاً فإن فرض أن معه من له فرض صرف إليه فرضه كزوج أو أخ من أم، وصرف الباقي إلى الأخ لما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال :« ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر »