عن أبي سعيد قال :« قلنا يا رسول الله ننحر الناقة ونذبح البقرة أو الشاة، في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ فقال :» كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه «، وقال أبو داود عن جابر بن عبد الله عن رسول الله ﷺ قال :» ذكاة الجنين ذكاة أمه « وقوله :﴿ إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ ﴾ قال ابن عباس : يعني بذلك الميتة والدم ولحم الخنزير، وقال قتادة : يعني بذلك الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه، والظاهر - والله أعلم - أن المراد بذلك قوله :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة والدم وَلَحْمُ الخنزير وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وَمَآ أَكَلَ السبع ﴾ [ المائدة : ٣ ]، فإن هذه وإن كانت من الأنعام، إلا أنها تحرم بهذه العوارض، ولهذا قال :﴿ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب ﴾ [ المائدة : ٣ ] يعني منها، فإنه حرام لا يمكن استدراكه وتلاحقه، ولهذا قال تعالى :﴿ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعام إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ ﴾ أي إلا ما سيتلى عليكم من تحريم بعضها في بعض الأحوال، والمراد بالأنعام ما تعم الإنسي من الإبل والبقر والغنم، وما يعم الوحشي كالظباء والبقر والحمر، فاستثني من الإنسي ما تقدم، واستثنى من الوحشي الصيد في حال الإحرام : وقيل المراد، أحللنا لكم الأنعام إلا ما استثني منها لمن التزم تحريم الصيد وهو حرام، لقوله :﴿ فَمَنِ اضطر غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ النحل : ١١٥ ]، أي أبحنا تناول الميتة للمضطر بشرط أن يكون غير باغ ولا متعد، وهكذا هنا، أي كما أحللنا الأنعام في جميع الأحوال، فحرموا الصيد في حال الإحرام، فإن الله قد حكم بهذا، وهو الحكيم في جميع ما يأمر به وينهى عنه، ولهذا قال الله تعالى :﴿ إِنَّ الله يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾.
ثم قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ الله ﴾ قال ابن عباس : يعني بذلك مناسك الحج، وقال مجاهد : الصفا والمروة، والهدي والبدن من شعائر الله، وقيل : شعائر الله محارمه، أي لا تحلوا محارم الله التي حرمها الله تعالى، ولهذا قال تعالى :﴿ وَلاَ الشهر الحرام ﴾ يعني بذلك تحريمه والاعتراف بتعظيمه وترك ما نهى الله عن تعاطيه فيه من الابتداء بالقتال، وتأكيد اجتناب المحارم، كما قال تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ﴾ [ البقرة : ٢١٧ ]، وقال تعالى :﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله اثنا عَشَرَ شَهْراً ﴾ [ التوبة : ٣٦ ] الآية، وفي صحيح البخاري : عن أبي بكرة أن رسول الله ﷺ قال في حجة الوداع :»
إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض. السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاث متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان «


الصفحة التالية
Icon