« إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء »، وقال الإمام أحمد : جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب، فقال : يا أمير المؤمنين إنكم تقرأون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال : واي آية؟ قال قوله :﴿ اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾، فقال عمر : والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله ﷺ، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله ﷺ، عشية عرفة في يوم جمعة. ولفظ البخاري قال، قالت اليهود لعمر : إنكم تقرأون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيداً، فقال عمر : إني لأعلم حين أنزلت، وأين أنزلت، وأين رسول الله ﷺ حيث أنزلت : يوم عرفة وأنا والله بعرفة، قال سفيان : وأشك كان يوم الجمعة أم لا ﴿ اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ الآية، وقال كعب : لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيداً يجتمعون فيه، فقال عمر : أي آية يا كعب؟ فقال :﴿ اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ فقال عمر : قد علمت اليوم الذي أنزلت، والمكان الذي أنزلت فيه : في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد. وعن علي قال : نزلت هذه الآية على رسول الله ﷺ وهو قائم عشية عرفة ﴿ اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾.
وقوله تعالى :﴿ فَمَنِ اضطر فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ أي فمن احتاج إلى تناول شيء من هذه المحرمات التي ذكرها الله تعالى لضرورة ألجأته إلى ذلك، فله تناوله، والله غفور رحيم له، لأنه تعالى يعلم حاجة عبده المضطر وافتقاره إلى ذلك فيتجاوز عنه ويغفر له. وفي المسند عن ابن عمر مرفوعاً قال، قال رسول الله ﷺ :« إن الله يحب أن تؤتى رخصته كما يكره أن تؤتى معصيته » لفظ ابن حبان؛ وفي لفظ لأحمد :« من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة »، ولهذا قال الفقهاء : قد يكون تناول الميتة واجباً في بعض الأحيان، وهو ما إذا خاف على نفسه ولم يجد غيرها، وقد يكون مندوباً، وقد يكون مباحاً بحسب الأحوال، واختلفوا هل يتناول منها قدر ما يسد به الرمق، أو له أن يشبع أو يشبع ويتزود؟ على أقوال؛ كما هو مقرر في كتاب الأحكام، وليس من شرط جواز تناول الميتة أن يمضي عليه ثلاثة أيام لا يجد طعاماً، كما قد يتوهمه كثير من العوام وغيرهم، بل متى اضطر إلى ذلك جاز له. وقد قال الإمام أحمد، عن أبي واقد الليثي، أنهم قالوا :