عن ابن عباس قال : هي الطور وما حوله، وكذا قال مجاهد وغير واحد.
وقوله تعالى :﴿ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ أي التي وعدكموها الله على لسان أبيكم إسرائيل أنه وراثة من آمن منكم، ﴿ وَلاَ تَرْتَدُّوا على أَدْبَارِكُمْ ﴾ أي تنكلوا عن الجهاد ﴿ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا ياموسى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حتى يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ﴾ أي اعتذروا بأن في هذه البلدة التي أمرتنا بدخولها وقتال أهلها قوماً جبارين ذوي خلق هائلة وقوى شديدةأ وإنا لا نقدر على مقاومتهم ولا مصاولتهم، ولا يمكننا الدخول إليها ما داموا فيها، فإن يخرجوا منها دخلناها، وإلا فلا طاقة لنا بهم.
وقوله تعالى :﴿ قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الذين يَخَافُونَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمَا ﴾ أي فلما نكل بنوا إسرائيل عن طاعة الله ومتابعة رسول الله ﷺ موسى حرضهم رجلان، لله عليهما نعمة عظيمة وهما ممن يخاف أمر الله ويخشى عقابه. وقرأ بعضهم :﴿ قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الذين يَخَافُونَ ﴾ أي ممن لهم مهابة وموضع من الناس، ويقال إنهما ( يوشع بن نون ) و ( كالب بن يوفنا ) ؛ قاله ابن عباس ومجاهد عكرمة وغير واحد من السلف والخلف رحمهم الله، فقالا :﴿ ادخلوا عَلَيْهِمُ الباب فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى الله فتوكلوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ أي إن توكلتم على الله واتبعتم أمره ووافقتم رسوله نصركم الله على أعدائكم، وأيدكم وظفركم بهم، ودخلتم البلد التي كتبها الله لكم؛ فلم ينفع ذلك فيهم شيئاً ﴿ قَالُواْ ياموسى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾، وهذا نكول منهم عن الجهاد ومخالفة لرسولهم، وتخلف عن مقاتلة الأعداء، ويقال : إنهم لما نكلوا على الجهاد، وعزموا على الإنصراف والرجوع إلى مصر، سجد موسى وهارون عليهما السلام قدام ملأ من بني إسرائيل إعظاماً لما هموا به، وشق يوشع بن نون وكالب بن يوفنا ثيابهما، ولاما قومهما على ذلك، فيقال : إنهم رجموهما، وجرى أمر عظيم وخطر جليل.
وما أحسن ما أجاب به الصحابة رضي الله عنهم يوم بدر رسول الله ﷺ، حين استشارهم في قتال النفير فتكلم أبو بكر رضي الله عنه فأحسن، ثم تكلم من تكلم من الصحابة من المهاجرين ورسول الله ﷺ يقول :