« » إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار « قالوا : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال :» إنه كان حريصاً على قتل صاحبه « وقال الإمام أحمد عن بشر بن سعيد أن سعد بن أبي وقاص قال، عند فتنة عثمان : أشهد أن رسول الله ﷺ قال :» « إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي » قال : أفرأيت إن دخل على بيتي فبسط يده إليَّ ليقتلني؟ فقال :« كن كابن آدم » قال أيوب السختياني : إن أول من أخذ بهذه الآية من هذه الأمة ﴿ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إني أَخَافُ الله رَبَّ العالمين ﴾ لعثمان بن عفان رضي الله عنه، رواه ابن أبي حاتم.
وقوله تعالى :﴿ إني أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النار وَذَلِكَ جَزَآءُ الظالمين ﴾ قال ابن عباس ومجاهد : أي بإثم قتلي وإثمك الذي عليك قبل ذلك، وقال آخرون : يعني بذلك إني أريد أن تبوء بخطيئتي فتتحمل وزرها وإثمك في قتلك إياي. عن مجاهد ﴿ إني أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ﴾ يقول : إني أريد أن يكون عليك خطيئتي ودمي فتبوء بهما جميعاً. ( قلت ) : وقد يتوهم كثير من الناس هذا القول ويذكرون في ذلك حديثاً لا أصل له « ما ترك القاتل على المقتول من ذنب ». وقد روى الحافط أبو بكر البزار حديثاً يشبه هذا ولكن ليس به فقال عن عائشة، قالت، قال رسول الله ﷺ :« قتل الصبر لا يمر بذنب إلاّ محاه »، وهذا بهذا لا يصح، ولو صح فمعناه أن الله يكفر عن المقتول بألم القتل ذنوبه، فأما أن تحمل على القاتل فلا، ولكن قد يتفق هذا في بعض الأشخاص وهو الغالب، فإن المقتول يطالب القاتل في العرصات، فيؤخذ له من حسناته بقدر مظلمته، فإن نفدت ولم يستوف حقه أخذ من سيئات المقتول فطرحت على القاتل، فربما لا يبقى على المقتول خطيئة إلاّ وضعت على القاتل. وقد صح الحديث بذلك عن رسول الله ﷺ في المظالم كلها، والقتل من أعظمها وأشدها والله أعلم. فإن قيل : كيف أراد هابيل أن يكون على أخيه قابيل إثم قتله؟ والجواب أن هابيل أخبر عن نفسه بأنه لا يقاتل أخاه إن قاتله بل يكف عنه يده طالباً إن وقع قتل أن يكون من أخيه لا منه. وهذا الكلام متضمن موعظة له لو اتعظ وزجراً لو انزجر، ولهذا قال :﴿ إني أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ﴾ أي تتحمل إثمي وإثمك ﴿ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النار وَذَلِكَ جَزَآءُ الظالمين ﴾ وقال ابن عباس : خوفه بالنار فلم ينته ولم ينزجر.