يقول تعالى من أجل قتل ابن آدم أخاه ظلماً وعدواناً ﴿ كَتَبْنَا على بني إِسْرَائِيلَ ﴾ أي شرعنا لهم وأعلمناهم ﴿ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً ﴾ أي من قتل نفساً بغير سبب من قصاص أو فساد في الأرض، واستحل قتلها بلا سبب ولا جناية، فكأنما قتل الناس جميعاً، لأنه لا فرق عنده بين نفس ونفس، ومن أحياها أي حرم قتلها واعتقد ذلك فقد سلم الناس كلهم منه بهذا الاعتبار، ولهذا قال :﴿ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ﴾. وقال الأعمش عن أبي هريرة قال : دخلت على عثمان يوم الدار فقلت : جئت لأنصرك، وقد طاب الضرب يا أمير المؤمنين، فقال : يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً وإياي معهم؟ قلت : لا. قال : فإنك إن قتلت رجلاً واحداً فكأنهما قتلت الناس جميعاً، فانصرف مأذوناً لك، مأجوراً غير مأزور، قال : فانصرفت ولم أقاتل. وقال ابن عباس هو كما قال الله تعالى :﴿ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ﴾ وإحياؤها ألا يقتل نفساً حرمها الله فذلك الذي أحيا الناس جميعاً، يعني أنه من حرم قتلها إلاّ بحق حيي الناس منه؛ وهكذا قال مجاهد، ومن أحياها أي كف عن قتلها. وقال العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً ﴾ يقول : من قتل نفساً واحدة حرمها الله فهو مثل من قتل الناس جميعاً. وقال سعيد بن جبير : من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعاً، ومن حرم دم مسلم فكأنما حرم دماء الناس جميعاً، هذا قول وهو الأظهر، وقال مجاهد في رواية أخرى عنه : من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً وذلك لأن من قتل النفس فله النار فهو كما لو قتل الناس كلهم. وقال مجاهد في رواية ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا ﴾ أي أنجاها من غرق أو حرق أو هلكة. وقال الحسن وقتادة في قوله : أنه ﴿ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً ﴾ هذا تعظيم لتعاطي القتل. قال قتادة عظيم والله وزرها، وعظيم والله أجرها. وقال ابن المبارك عن سليمان الربعي قال، قلت للحسن : هذه الآية لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل؟ فقال : أي والذي لا إله غيره كما كانت لبني إسرائيل، وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا. وقال الإمام أحمد :« جاء حمزة بن عبد المطلب إلى رسول الله ﷺ : فقال : يا رسول الله اجعلني على شيء أعيش به، فقال رسول الله ﷺ :» يا حمزة نفس تحييها أحب إليك أم نفس تميتها « قال : بل نفس أحييها، قال :» عليك بنفسك «


الصفحة التالية
Icon