[ مريم : ٧٣ ] قال الله تعالى في جواب ذلك :﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً ﴾ [ مريم : ٧٤ ]، وقال في جوابهم حين قالوا :﴿ أهؤلاء مَنَّ الله عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ ﴾، ﴿ أَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بالشاكرين ﴾ ؟ أي أليس هو أعلم بالشاكرين له بأقوالهم وأفعالهم وضمائرهم فيوفقهم ويهديهم سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم كما قال تعالى :﴿ والذين جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين ﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ]. وفي الحديث الصحيح :« إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ».
وقوله تعالى :﴿ وَإِذَا جَآءَكَ الذين يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ﴾ أي فأكرمهم برد السلام عليهم وبشرهم برحمة الله الواسعة الشاملة لهم، ولهذا قال :﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة ﴾ أي أوجبها على نفسه الكريمة تفضلاً منه وإحساناً وامتناناً ﴿ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سواءا بِجَهَالَةٍ ﴾، قال بعض السلف : كل من عصى الله فهو جاهل. وقال بعضهم : الدنيا كلها جهالة. ﴿ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ ﴾ أي رجع عما كان عليه من المعاصي وأقلع، وعزم على أن لا يعود وأصلح العمل في المستقبل ﴿ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾. قال الإمام أحمد عن أبي هريرة قال، قال رسول الله ﷺ :« لما قضى الله على الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي » أخرجاه في الصحيحين.


الصفحة التالية
Icon