كانت العرب ما عدا قريشاً لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها، يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها، وكانت قريش - وهم الخمس - يطوفون في ثيابهم، ومن أعاره أحمسي ثوباً طاف فيه، ومن معه ثوب جديد طاف فيه، ثم يلقيه فلا يتملكه أحد، ومن لم يجد ثوباً جديداً ولا أعاره أحمسي ثوباً طاف عرياناً، وربما كانت امرأة فتطوف عريانة فتجعل على فرجها شيئاً ليستره بعض الستر فتقول :
اليوم يبدو بعه أو كله | وما بدا منه فلا أحله |
واختلف في معنى قوله :﴿ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾، فقال مجاهد : يحييكم بعد موتكم، وقال الحسن البصري : كما بدأكم في الدنيا كذلك تعودون يوم القيامة أحياء، وقال قتادة : بدأ فخلقهم ولم يكونوا شيئاً ثم ذهبوا ثم يعيدهم، وقال ابن أسلم : كما بدأكم أولاً كذلك يعيدكم آخراً، واختار هذا القول أبو جعفر بن جرير، وأيده بما رواه عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله ﷺ بموعظة فقال :« يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا، كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين » وعن مجاهد قال : يبعث المسلم مسلماً والكافر كافراً، وقال محمد بن كعب القرظي :﴿ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾ من ابتدأ الله خلقه على الشقاوة صار إلى ما ابتدئ عليه خلقه وإن عمل بأعمال أهل السعادة، ومن ابتدأ خلقه على السعادة صار إلى ما ابتدئ خلقه عليه، وإن عمل بأعمال أهل الشقاء كما أن السحرة عملوا بأعمال أهل الشقاء، ثم صاروا إلى ما ابتدأوا عليه، وقال السدي :﴿ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾ كما خلقناكم فريق مهتدون وفريق ضلال كذلك تعودون وتخرجون من بطون أمهاتكم، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : إن الله تعالى بدأ خلق ابن آدم مؤمناً وكافراً، كما قال :