يقول تعالى :﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ﴾ أي لا أحد أظلم ممن افترى الكذب على الله أو كذب بآياته المنزلة ﴿ أولئك يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الكتاب ﴾، اختلف المفسرون في معناه، فقال ابن عباس : ينالهم ما كتب عليهم، وكتب لمن كذب على الله أن وجهه مسود، وعنه قال : نصيبهم من الأعمال، من عمل خيراً جزي به، ومن عمل شراً جزي به، وقال مجاهد : ما وعدوا به من خير وشر، واختاره ابن جرير، وقال محمد القرظي ﴿ أولئك يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الكتاب ﴾ قال : عمله ورزقه وعمره، وهذا القول قوي في المعنى، والسياق يدل عليه، وهو قوله :﴿ حتى إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ ﴾ ونظير المعنى في هذه الآية، كقوله :﴿ إِنَّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدنيا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ العذاب الشديد بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ﴾ [ يونس : ٦٩-٧٠ ] وقوله :﴿ وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عملوا ﴾ [ لقمان : ٢٣ ] الآية، وقوله :﴿ حتى إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ ﴾ الآية : يخبر تعالى أن الملائكة إذا توفت المشركين تفزعهم عند الموت وقبض أرواحهم إلى النار، يقولون لهم : أين الذين كنتم تشركون بهم في الحياة الدنيا وتدعونهم وتعبدونهم من دون الله ادعوهم يخلصوكم مما أنتم فيه، قالوا :﴿ ضَلُّواْ عَنَّا ﴾ أي ذهبوا عنا فلا نرجوا نفعهم ولا خيرهم ﴿ وَشَهِدُواْ على أَنْفُسِهِمْ ﴾ أي أقروا واعترفوا على أنفسهم ﴿ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon