وتكلم الشيخ ابن عاشور عن الفرق الجاري بين العلماء بين التفسير والتأويل، وخلص إلى أن جماع القول في ذلك أن من العلماء من جعلهما متساويين كابن الأعرابي وأبو عبيدة، ومنهم من جعل التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه. ورجح الشيخ ابن عاشور الرأي الأول القائل بتساوي المعنيين.
II- II- المقدمة الثانية : في استمداد علم التفسير
الاستمداد في الاصطلاح هو احتياج علم لمعلومات بطلب المدد، والمدد العون والغُواث. فكأنما علم التفسير أو المفسر بصدد طلب الغوث والمددِ لاستعمالها في التفسير، يقول العلامة ابن عاشور:" أما ما يورد في العلم من مسائل علوم أخرى فلا يعد مددا للعلم، فاستمداد علم التفسير للمفسر العربي والمولّد، من المجموع الملتئم من علم العربية وعلم الآثار، ومن أخبار العرب وأصول الفقه قيل وعلم الكلام وعلم القراءات". حيث اعتبر زيادات فخر الدين الرازي في » مفاتيح الغيب« إفاضة في البيان وليست مددا للعلم.
يعرف الشيخ محمد الطاهر بن عاشور العلوم العربية التي هي أول المدد بقوله :" تبحث عن أسلوب التكلم، ومادته النحو والصرف والبلاغة والإنشاء وهي العلوم المدروسة لتحصيل النطق العربي الفصيح" (١) [١٠] والمراد من العربية عنده معرفة مقاصد العرب من كلامهم وأدب لغتهم. وبما أن القرآن الكريم كلام عربي فاعتبر قواعد العربية طريقا لفهم معانيه، وبدون ذلك يقع الغلط وسوء الفهم، لمن ليس بعربي السليقة. وقواعد اللغة العربية أو اللسان العربي هي: متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان. ومن وراء ذلك أساليب العرب وخطبهم وأشعارهم وأمثالهم وعوائدهم ومحادثاتهم وتراكيب بلغائهم.


الصفحة التالية
Icon