قال تعالى :﴿ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ يقول، فكان المقصد الأعلى منه صلاح الأحوال الفردية، والجماعية، والعمرانية، ورأس الأمر فيه صلاح الاعتقاد لأن الاعتقاد مصدر الآداب والتفكير، ثم صلاح السريرة الخاصة، وهي العبادات الظاهرة كالصلاة، والباطنة كالتخلق. وأما الصلاح الجماعي فيرجعه الشيخ ابن عاشور أولا إلى الصلاح الفردي، ولا يصلح الكل إلا بصلاح أجزائه ويتمثل ذلك في ضبط تصرف الناس بعضهم مع بعض، وهو علم المعاملات، ويعبَّر عنه - كما يقول ابن عاشور- عند الحكماء بالسياسة المدنية.
وأما الصلاح العمراني، فهو ضبط تصرف الجماعات والأقاليم بعضهم مع بعض لإعمار الأرض على وجه يحفظ مصالح الجميع، وحفظ المصلحة الجامعة عند معارضة المصلحة القاصرة لها، وأطلق عليه –نسبة إلى بن خلدون- علم العمران وعلم الاجتماع.
ويرى الشيخ ابن عاشور مراد الله من كتابه ما به يقوم حفظ مقاصد الدين، قال تعالى :﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَابِ ﴾ وإن كان الاطلاع على مراد الله موضوع خلاف طويل فلا مانع من التكليف باستقصاء البحث عنه بحسب الطاقة ومبلغ العلم مع تعذر الاطلاع على تمامه. وعلى الآخذ في هذا الفن أن يعلم المقاصد الأصلية التي جاء القرآن لتبيانها وهي ثمانية أمور :
١- ١- إصلاح الاعتقاد وتعليم العقد الصحيح.
٢- ٢- تهذيب الأخلاق قال تعالى :﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ وفسرت عائشة - رضي الله عنهم - لما سئلت عن خلقه - ﷺ - فقالت كان خلقه القرآن.


الصفحة التالية
Icon