ثم إني تصفحت كتب التفسير وعلوم القرآن فلم أجد لهذا التفسير » التحرير والتنوير « كبير اعتناء ولا اطلاع من طرف الكتاب والباحثين – عدى الكلية الأوروبية في بعض مراجعها - ما حملني على التعريف بهذا التفسير العصري والجامع لتراث الأمة من المأثور والمنقول والبلاغة والبيان وفي شتى العلوم. فإنك قليلا ما تجد التفاسير تجمع بين كل هذه المواصفات، وخاصة الجمع بين العصرية وعلوم اللغة العربية التي هي من كنوز تراثنا الأدبي والفكري وتتطلب من الاختصاص والتمكن في كل العلوم ما تتطلبه.
قسمت بحثي إلى ثلاثة أبواب، جعلت الأول تمهيدا تحدثت فيه عن تاريخ تونس وتعريفا بجامعها، والثاني تعريفا بمؤلف » التحرير والتنوير « ومناقبه وإصلاحاته وعصره، والثالث تناولت فيه تقديم كتاب » التحرير والتنوير « في مقدماته العشر التي صدّرها كتابه. لخصتها قدر المستطاع وما تسمح لي به الأمانة في نقل قواعده التي جعلها منهاجا وهديا لتفسيره.
أسأل الله أن أكون قد وفقت إلى ذلك حسب ما أوتيت من الفهم.
كما نسأل الله أن يبوأ لتونس والعالم الإسلامي من يرجع للدين كرامته وللأمة مجدها وحضارتها بإعطاء قيمة للعلم الشرعي والعلماء، وأن يرفع عنا الغمة ويزيل عنا النقمة إنه نعم المولى ونعم النصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
........................... سويسرا في
٤ جوان ٢٠٠١
الموافق لـ ١٢ ربيع أول ١٤٢٢
١- ١- التعريف بكتاب " التحرير والتنوير "
يقع كتاب " التحرير والتنوير " في ثلاثين جزءا طبع عن دار الكتب الشرقية، وأخرى للدار التونسية للنشر، وهذه الأخيرة طبعة جيدة وورقها من النوع الرقيق والرفيع (١) [٢].
ألفه الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور طيلة أيام حياته، وسماه » تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد، من تفسير الكتاب المجيد «. اختصره في اسم » التحرير والتنوير من التفسير «. وتداول باسم » التحرير والتنوير «.
٢- ٢- تأليف " التحرير والتنوير"