وتحديد مقادير الآيات مروي عن النبي - ﷺ -، وفي الحديث :" من قرأ العشر الخواتم من آخر آل عمران" الحديث. وكان المسلمون في عصر النبوة وما بعده يقدِّرون تارة بعض الأوقات بمقدار الآيات كما ورد في حديث سُحور النبي - ﷺ - أنه كان بينه وبين طلوع الفجر مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية. ويقول ابن عاشور في هذا الصدد لا يبعد أن يكون تعيين مقدار الآية تبعا لانتهاء نزولها وأمارته وقوع الفاصلة. والذي استخلَصه أن الفواصل هي الكلمات التي تتماثل في أواخر حروفها أو تتقارب، مع تماثل أو تقارب صيغ النطق بها. وأن تلك الفواصل كلها منتهى آيات ولو كان الكلام الذي تقع فيه لم يتم الغرض المسوق إليه. واعتبر أن هذه الفواصل من جملة المقصود من الإعجاز لأنها ترجع إلى محسنات الكلام، فينبغي الوقوف عندما يجب الوقف. وقال ألا ترى أن من الإضاعة لدقائق الشعر أن يلقيه ملقيه على مسامع الناس دون وقف عند قوافيه فإن ذلك إضاعة لجهود الشعراء، وتغطية على محاسن الشعر، وإلحاق للشعر بالنثر. ومن السذاجة أن ينصرف ملقي الكلام عن محافظة هذه الدقائق فيكون مضيعا لأمر نفيس أجهد فيه قائله نفسه وعنايته.


الصفحة التالية
Icon