ويدل على هذا كما يقول الشيخ ابن عاشور ما وقع إلينا من تفسيرات مروية عن النبي - ﷺ - لآيات، فنرى منها ما نوقن بأنه ليس هو المعنى الأسبق من التركيب، ولكنا بالتأمل نعلم أن الرسول - ﷺ - ما أراد بتفسيره إلا إيقاظ الأذهان إلى أخذ أقصى المعاني من ألفاظ القرآن (١) [٢١]، مثال ذلك ما رواه أبو سعيد بن المعلى قال: دعاني رسول الله - ﷺ - وأنا في الصلاة فلم أجبه فلما فرغت أقبلت إليه فقال :" ما منعك أن تجيبني؟ فقلت: يا رسول الله كنت أصلي، فقال :" ألم يقل الله تعالى: ﴿ اِسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ﴾ ؟ يقول الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور إن لفظ الاستجابة لما كان صالحا للحمل على المعنى الحقيقي، وهو إجابة النداء حمل النبي - ﷺ - الآية على ذلك في المقام الصالح له (٢) [٢٢]، بقطع النظر عن المتعلق وهو قوله ﴿ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾.
وكذلك قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ﴾ فقال عمر بن الخطاب للنبي - ﷺ - لما أراد الصلاة على رأس المنافقين :"كيف تصل على عبد الله ابن أبي بن سلول المنافق الذي فعل كذا وقال يوم كذا ما قال، فقال النبي - ﷺ - :" خيرني ربي وسأزيد على السبعين". فحمل قوله تعالى:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
﴿ اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ على التخيير مع أن ظاهره أنه مستعمل في التسوية، وحمل اسم العدد على دلالته الصريحة دون كونه كناية عن الكثرة كما هو قرينة السياق ثم جاء القرآن مصداقا لكلام عمر ﴿ لاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ﴾، وذكر أمثلة أخرى تغنينا هذه عن ذكرها.