يتعرف المفسر على عادات القرآن من نظمه وكلِمه. عن ابن عباس - رضي الله عنهم - : كل كأس في القرآن المراد بها الخمر، وفي صحيح البخاري: المطر في القرآن العذاب. وعن ابن عباس - رضي الله عنهم - : أن كل ما جاء من يا أيها الناس المقصود به أهل مكة المشركون. وزاد ابن عاشور عادات كثيرة في اصطلاح القرآن منها كلمة هؤلاء إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة كقوله: ﴿ بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَءِ وَآبَاءَهُمْ ﴾ وقوله: ﴿ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ﴾.
ومنها إذا حكى المحاورات والمجاوبات حكاها بلفظ "قال" دون حرف عطف، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ إلى قوله :﴿ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ﴾.
؟ وأما الجهة الثالثة من جهات الإعجاز هي ما أودعه من المعاني الحِكمية والإشارات العلمية فاعلموا أن العرب لم يكن لهم علم سوى الشعر وما تضمنه من أخبار: قال عمر " كان الشعر عِلم القوم ولم يكن لهم علم أصح منه".
والعلم نوعان كما يقول ابن عاشور، علم اصطلاحي وعلم حقيقي، فأما الاصطلاحي فهو ما تواضع الناس في عصر من الأعصار على أن صاحبه يعد في صف العلماء، وهذا قد يتغير بتغير العصور (١) [٢٧]ويختلف باختلاف الأمم والأقطار، وهذا النوع لا تخلو عنه أمة.


الصفحة التالية
Icon