مستحضرا في ذلك قول الصدّيق - رضي الله عنهم - :" أيّ سماء تظلّني ؟ وأيّ أرض تقلّني ؟ إذا قلت في كلام الله ما لا أعلم " (١) [٣].
ومن مواصفات العالم، الثقة والثبات والعزم وقد تمثلت كل هذه المواصفات وغيرها لا يحصى في كلام الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في كتابه هذا، أسوق بعض عباراته " وأصبحت الهمة مصروفة إلى ما تنصرف إليه الهمم العليا " متحدثا عن نفسه، ويضيف فيقول :" وطمعت أن أكون ممن أوتي الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس". ويقول في موضع آخر :" فجعلت حقا عليّ أن أبدي في تفسير القرآن نكتا لم أر من سبقني إليها، وأن أقف موقف الحكم بين طوائف المفسرين تارة لها وتارة عليها"، ويقول أيضا " فإني بذلت الجهد في الكشف عن نكت من معاني القرآن وإعجازه خلت عنها التفاسير، ومن أساليب الاستعمال الفصيح ما تصبو إليه همم النحارير". وبعد أسلوب في الإقناع ومنهجية في التقديم تجد نفسك وكأنك أمامه رحمه الله وهو يقول لك مخبرا عن تفسيره :" ففيه أحسن ما في التفاسير، وفيه أحسن مما في التفاسير". ثقة وثبات وتواضع يذكرك بسلفه من عظماء الأمة أمثال المجدد ابن قيم الجوزية، والإمام مالك وغيرهم كثير...
٣- ٣- إضافاته في " التحرير والتنوير "
كما سبق وأشرت فقد تميز كتاب " التحرير والتنوير " عن غيره من التفاسير وكما صرح به هو متحدثا عن تفسيره، ولأن كان الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله معجبا بتفسير " الكشاف" للزمخشري (٢) [٤] باعتماد فن من فنون القرآن ألا وهي البلاغة (٣) [٥]، فقد زاد على ذلك باعتماده على "فن دقائق البلاغة الذي لم يخصه أحد من المفسرين بكتاب كما خصّوا الأفانين الأخرى" والكلام إلى محمد الطاهر ابن عاشور. وقد اعتنى في تفسيره ببيان :
- - وجوه الإعجاز ونكت البلاغة العربية، فيقول :" فإني بذلت الجهد في الكشف عن نكت من معاني القرآن وإعجازه خلت عنها التفاسير".