ولئن كان هذا التفسير لكتاب الله - عز وجل - هو ثمرة قرون من التواصل والتوارث العلمي والحضاري للأمة الإسلامية والعقيدة الإسلامية عبر أربعة عشر قرنا، فإن جامع الزيتونة هو الذي خرج مثل الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ليكتب » التحرير والتنوير «، وحضن شباب تونس وشمال إفريقيا عموما ليتوارثوا هذا العلم وينتجوا لنا جيلا من المتخرجين تربينا في أكناف لغتهم العربية ومناهجهم الزيتونية. وأن هذه المنارة اليوم لم يعد لها أثر فمن يحمي عقيدة البلاد والأمة إذا اختفت هذه المنارات، وماذا عسى الأمة والشعوب الإسلامية عموما أن تتوارث إذا لم تنتج وتتبادل العلم الشرعي وتعنى بعلمائها. وماذا عسى عقيدة الشباب الإسلامي وشباب تونس خاصة أن تكون إذا مسح الغبار على ثماثيل » حنبعل« وأحيي تراث » عليسا« وأغلقت المساجد ونقيت المناهج التربوية في المدارس من كل أثر إسلامي.
لقد كان الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور يمد يده للأجيال اللاحقة عبر هذا التفسير والفكر المستنير ودعوته للإصلاح والجمع بين العلوم الشرعية والعلوم الدنيوية، فكان بمثابة صيحة فزع ورد على كل الأفكار التي روج لها المستعمر زمن ابن عاشور وأذناب المستعمر في عصرنا اليوم.


الصفحة التالية
Icon