الركن الأول: تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة.
إن أولى ما فسر به القرآن بالقرآن، فإذا أردت أن تفهم القرآن حق الفهم فتأمل فيه كله، فانظر إلى سياق الآية كلها، وما قبلها وما بعدها، وأيضًا ابحث عن معنى الآية في سورة أخرى، فما وجدته مجملاً في مكان، ستجده مبينًا في مكان آخر، وما وجدته مختصرًا في مكان ستجده مبسوطًا في مكان آخر، وقد ذم الله من يتمسك ببعض الآيات دون بعض، أو يأخذ المتشابهات ويدع المحكمات، فقال تعالى: ﴿أفتأمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض﴾، وقال: ﴿فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾.
ومن أمثلة بيان القرآن بالقرآن: قوله تعالى: ﴿فمن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا﴾ ما المراد بذكره هنا؟ أهو القرآن، وما أنزله الله من الكتب الهادية؟ أو المراد ذكره بتسبيحه وتمجيده وتهليله؟
إذا تأملت سياق الآية كاملة ستجد أن المعنى المقصود هو الأول دون الثاني، قال تعالى: ﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (١٢٦)﴾ [سورة طه ٢٠/١٢٣-١٢٦].
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه﴾، ما هي هذه الكلمات، ورد بياناها في قوله تعالى: ﴿قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين﴾.


الصفحة التالية
Icon