وقال في موضع آخر :(( وقد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يحصى كثرة، وفيه روايات وطرق مختلفة. فمن جيدها طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي. قال أحمد بن حنبل :(( بمصر صحيفة في التفسير، رواها علي بن أبي طلحة، لو رحل رجل فيها إلى مصر، قاصداً، ما كان كثيراً )) أسنده أبو جعفر النحاس في ناسخه.
قال ابن حجر : وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث، رواها عن معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس.
وهي عند البخاري، عن أبي صالح. وقد اعتمد عليها في صحيحه كثيراً، فيما يعلقه عن ابن عباس. وأخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر كثيراً، بوسائط بينهم وبين أبي صالح. وقال قوم : لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس التفسير، وإنما أخذه عن مجاهد وسعيد بن جبير. قال ابن حجر : بعد أن عرفت الواسطة، وهو ثقة، فلا ضير في ذلك.
قال الخليلي في الإرشاد : تفسير معاوية بن أبي صالح، قاضي الأندلس، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، رواه الكبار عن أبي صالح كاتب الليث، عن معاوية. وأجمع الحفاظ على أن ابن أبي طلحة لم يسمعه من ابن عباس ( وقد تقدم، قريباً، قول الحافظ ابن حجر في ذلك ).
ولأن هذه، صحيفة علي بن أبي طلحة، هي محور ما يدور حوله هذا المعجم، ولغموض تاريخها مع عظم أهميتها، وكيف انتقلت إلى مصر، وكيف أخذ عنها الإمام البخاري، كل ذلك لا يضطلع بالقيام به إلا رجل تركزت فيه صفتان، هما الإخلاص في العمل والقدرة على البحث التاريخي المؤيد بالدلائل العلمية. وهاتان صفتان قد توفرتا في صديقي وصفيي الدكتور محمد كامل حسين أستاذ الأدب المصري بجامعة القاهرة. فقد تولى أمر ذلك الموضوع ببحثه القيم الذي يطلع عليه القارئ بعد هذه الكلمة. فأثابه الله عن العلم، خير ما يثيب به المخلصين.


الصفحة التالية
Icon