أما مكانة الإمام عبد الله بن عباس في التفسير، فألق سمعك إلى ما يقوله الحافظ عماد الدين، أبو الفداء، إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي. قال :
فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير ؟ ( فالجواب ) إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن. فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر. فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن، وموضحة له. بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى : كل ما حكم به رسول الله - ﷺ - فهو مما فهمه من القرآن. قال الله تعالى ( إنَّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ) ٤ / ١٠٥. وقال تعالى :( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ولعلهم يتفكرون ) ١٦/ ٤٤. وقال تعالى :( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدًى ورحمة لقوم يؤمنون ) ١٦/ ٦٤. ولهذا قال رسول الله - ﷺ - :(( ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه )) يعني السنة.
والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة. كما قال رسول الله - ﷺ - لمعاذ حين بعثه إلى اليمن (( فبم تحكم )) ؟ قال : بكتاب الله. قال :(( فإن لم تجد )) ؟ قال : بسنة رسول الله. قال :(( فإن لم تجد )) ؟ قال: أجتهد رأيي. فضرب رسول الله - ﷺ - في صدره، وقال (( الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله )).


الصفحة التالية
Icon