وحينئذ، إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة. فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح. لا سيما علمائهم وكبرائهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين المهديين، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنهم. قال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا أبو كريب، جابر بن نوح، حدثنا الأعمش، عن أبي الضحى عن مسروق، قال : قال عبد الله، يعني ابن مسعود : والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، ولو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني، تناله المطايا، لأتيته.
وقال الأعمش أيضاً عن أبي وائل عن ابن مسعود قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
وقال عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذين يُقرؤوننا أنهم كانوا يستقرؤون من النبي - ﷺ -، وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعاً.
ومنهم الحبر البحر ( عبد الله ابن عباس ) ابن عم رسول الله - ﷺ -، وترجمان القرآن، ببركة دعاء رسول الله - ﷺ - له حيث قال (( اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل )). وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار وحدثنا وكيع، حدثنا سفيان عن الأعمش عن مسلم _ كذا قال _ قال عبد الله، يعني ابن مسعود : نعم ترجمان القرآن ابن عباس. ثم رواه عن يحي بن داود، عن إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود أنه قال : نعم الترجمان القرآن ابن عباس. ثم رواه عن بندار عن جعفر ابن عون، عن الأعمش به كذلك.