فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة. وقد مات ابن مسعود، رضي الله عنه، في سنة اثنتين وثلاثين، على الصحيح وعُمِّر بعده عبد الله بن عباس ستاً وثلاثين سنة. فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود !!
وقال الأعمش، عن أبي وائل : استخلف علي عبد الله بن عباس، على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة ( وفي رواية سورة النور ) ففسرها تفسيراً، لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا. اه
هذه هي مكانة حبر الأمة من التفسير. وهذه هي صحيفة علي بن أبي طلحة التي رواها عن ابن عباس، وسمو منزلتها عند الإمام البخاري. وهذا هو صحيح البخاري، أصح الكتب المصنفة. هذا الصحيح الذي قال فيه خاتمة مشايخ الإسلام المحققين، صاحب السماحة مصطفى صبري أفندي، شيخ الإسلام للدولة العثمانية سابقاً، في كتابه ( القول الفصل، بين الذين يؤمنون بالغيب والذين لا يؤمنون ) ما يأتي :
(( ففي صحيح البخاري مثلاً ألفان وستمائة واثنان من الأحاديث المسندة، سوى المكرر )) (( انتقاها من مائة ألف حديث صحيح يحفظها. وقريب من ألفي راوٍ اختارهم من نيف وثلاثين ألفاً من الرواة الثقات الذين يعرفهم )).
(( وكتاب البخاري، البالغ أربع مجلدات كبيرة، يبقى بعد حذف أسانيده على حجم مجلد واحد متوسط الحجم )).
فهل سمعتم وسمعت الدنيا، أن كتاب تاريخ، في هذا الحجم، يروى ما فيه سماعاً من ألفي (( رجل ثقة، يعرفهم المؤلف وغيره من أهل هذا العلم بأسمائهم وأوصافهم، على أن تكون كل جملة معينة من الكتاب، مؤلفة من سطر أو أكثر أو أقل تقريباً، سمعها فلان، وهو من فلان )) إلى أن اتصل بالنبي - ﷺ -، فيقام لكل سطر من الكتاب، تقريباً، شهود من الرواة يتحملون (( مسؤلية روايته ؟ )).