الجزية أو الحرب فأقروا بالجزية.
التفسِير: ﴿فَلَمَّآ أَحَسَّ عيسى مِنْهُمُ الكفر﴾ أي استشعر من اليهود التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال وإِرادتهم قتله ﴿قَالَ مَنْ أنصاري إِلَى الله﴾ أي من أنصاري في الدعوة إِلى الله قال مجاهد: أي من يتبعني إِلى الله ﴿قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله﴾ أي قال المؤمنون الأصفياء من أَتباعه نحن أنصار دين الله ﴿آمَنَّا بالله واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ أي صدقنا بالله وبما جئتنا به واشهد بأننا منقادون لرسالتك مخلصون في نصرتك ﴿رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ واتبعنا الرسول فاكتبنا مَعَ الشاهدين﴾ أي آمنا بآياتك واتبعنا رسولك عيسى فاكتبنا مع من شهد لك بالوحدانية ولرسولك بالصدق، ثم أخبر تعالى عن اليهود المتآمرين الذين أرادوا قتل عيسى فقال ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله﴾ أي أرادوا قتله فنجّاه الله من شرهم ورفعه إِلى السماء دون أن يمسَّ بأذى وألقى شبهه على ذلك الخائن «يهوذا» وسمّي مكراً من باب المشاكلة ولهذا قال ﴿والله خَيْرُ الماكرين﴾ أي أقواهم مكراً بحيث جعل تدميرهم في تدبيرهم وفي الحديث
«اللهم امكرْ لي ولا تمكر عليَّ» ﴿إِذْ قَالَ الله ياعيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ أي إِني رافعك إِلى السماء ثم مميتك بعد استيفائك كامل أجلك والمقصود بشارته بنجاته من اليهود ورفعه إِلى السماء سالماً دون أذى قال قتادة: هذا من المقدم والمؤخر تقديره إِني رافعك إِليَّ ثم متوفيك بعد ذلك، وقد ذكره الطبري فقال: وقال آخرون معنى ذلك: إِذ قال الله يا عيسى إِني رافعك إِليَّ ومطهرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد إِنزالي إِيّاك إِلى الدنيا ﴿وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذين كَفَرُواْ﴾ أي مخلصك من شر الأشرار أرادوا قتلك قال الحسن: طهّره من اليهود والنصارى والمجوس ومن كفار قومه ﴿وَجَاعِلُ الذين اتبعوك فَوْقَ الذين كَفَرُواْ إلى يَوْمِ القيامة﴾ أي جاعل أتباعك الذين آمنوا بك فوق الذين جحدوا نبوتك ظاهرين على من ناوأهم إِلى يوم القيامة وقال في تفسير الجلالين: ﴿الذين اتبعوك﴾ أي صدقوا بنبوتك من المسلمين والنصارى ﴿فَوْقَ الذين كَفَرُواْ﴾ وهم اليهود يعلونهم بالحجة والسيف ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ أي ثم مصيركم إِلى الله فأقضي بين جميعكم بالحق فيما كنتم تختلفون فيه من أمر عيسى ﴿فَأَمَّا الذين كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدنيا والآخرة﴾ أي أما الكافرون بنبوتك المخالفون لملتك فإِني معذبهم عذاباً شديداً في الدنيا بالقتل والسبي، وبالآخرة بنار جهنم ﴿وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ﴾ أي ليس لهم ناصر يمنع عنهم عذاب الله ﴿وَأَمَّا الذين آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ أي وأما المؤمنون فيعطيهم جزاء أعمالهم الصالحة كاملةً غير منقوصة ﴿والله لاَ يُحِبُّ الظالمين﴾ أي لا يحب من كان ظالماً فكيف يظلم عباده؟ ﴿ذلك نَتْلُوهُ عَلَيْكَ﴾ أي هذه الأنباء التي نقصها عليك يا محمد ﴿مِنَ الآيَاتِ والذكر الحكيم﴾ أي من آيات القرآن الكريم المحكم، الذي لا


الصفحة التالية
Icon