المنَاسَبَة: لّما ذكر تعالى خيانة أهل الكتاب بتحريفهم كلام الله عن مواضعه، وتغييرهم أوصاف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الموجودة في كتبهم حتى لا يؤمنوا به، ذكر تعالى هنا ما تقوم به الحجة عليهم وهو أن الله قد أخذ الميثاق على أنبيائهم أن يؤمنوا بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إن أدركوا حياته، وأن يكونوا من أتباعه وأنصاره، فإِذا كان الأنبياء قد أخذ عليهم العهد أن يؤمنوا به ويبشروا بمبعثه فكيف يصح من أتباعهم التكذيب برسالته؟ ثم ذكر تعالى أن الإِيمان بجميع الرسل شرط لصحة الإيمان وبيَّن أن الإِسلام هو الدين الحق الذي لا يقبل الله ديناً سواه.
اللغَة: ﴿مِيثَاقَ﴾ الميثاق: العهد المؤكد بيمين ونحوه وقد تقدم ﴿إِصْرِي﴾ عهدى وأصله في اللغة الثقل قال الزمخشري: وسمي إصراً لأنه مما يؤصر أي يشد ويعقد ﴿الفاسقون﴾ الخارجون عن طاعة الله ﴿طَوْعاً﴾ انقياداً عن رغبة ﴿وَكَرْهاً﴾ إِجباراً وهو كاره ﴿الأسباط﴾ جمع سبط وهو ابن الإِبن والمراد به هنا قبائل بني إِسرائيل من أولاد يعقوب ﴿يُنظَرُونَ﴾ يمهلون يقال: أنظره يعني أمهله والنظرة والإِمهال ﴿الخاسرين﴾ الخسران: انتقاص رأس المال يقال: خسر فلان أي أضاع من رأس ماله ﴿الضآلون﴾ التائهون في مهامه الكفر.
سَبَبُ النّزول: عن ابن عباس قال: ارتد رجل من الأنصار عن الإِسلام ولحق بالشرك ثم ندم، فأرسل إِلى قومه:
سلوا لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هلل من توبة فإِني قد ندمت؟ فنزلت الآية ﴿كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْماً كَفَرُواْ | .﴾ إلى قوله ﴿إِلاَّ الذين تَابُواْ مِن بَعْدِ ذلك وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ فكتب بها قومه إِليه فرجع فأسلم. |