تنبيه: وردت الآيات الكريمة لدفع شبهتين من شبه أهل الكتاب.
الشبهة الأولى: أنهم قالوا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إنك تدّعي أنك على دين إِبراهيم وقد خالفت شريعته فأنت تبيح لحوم الإِبل وألبانها مع أن ذلك كان حراماً في دين إبراهيم؟ فرد الله عليهم بقوله ﴿كُلُّ الطعام كَانَ حِلاًّ لبني إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ﴾ الآية.
الشبهة الثانية: قالوا إن «بيت المقدس» قبلة جميع الأنبياء وهو أول المساجد وأحق بالاستقبال فكيف تترك يا محمد التوجه إليه ثم تزعم أنك مصدّق لما جاء به الأنبياء فرد الله تعالى بقوله ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ﴾ الآية.
المنَاسَبَة: لما حذّر تعالى من مكايد أهل الكتاب، وأمر بالاعتصام بحبل الله والتمسك بشرعه القويم، دعا المؤمنين إلى القيام بواجب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمر بالائتلاف وعدم الاختلاف، ثم ذكر ما حلَّ باليهود من الذل والصَّغار بسبب البغي والعدوان.
اللغَة: ﴿أُمَّةٌ﴾ طائفة وجماعة ﴿البينات﴾ الآيات الواضحات ﴿المعروف﴾ ما أمر به الشرع واستحسنه العقل السليم ﴿المنكر﴾ ما نهى عنه الشرع واستقبحه العقل السليم ﴿الأدبار﴾ جمع دبر وهو مؤخر كل شيء يقال: ولاه دبره أي هرب من وجهه ﴿ثقفوا﴾ وجدوا وصودفوا ﴿حَبْلٍ مِّنَ الله﴾ الحبل معروف والمراد به هنا: العهد وسمي حبلاً لأنه سبب يحصل به الأمن وزوال الخوف ﴿بَآءُوا﴾ رجعوا ﴿المسكنة﴾ الفقر.
التفِسير: ﴿وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخير﴾ أي ولتقم منكم طائفة للدعوة إلى الله ﴿وَيَأْمُرُونَ بالمعروف وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر﴾ أي للأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر {وأولئك هُمُ


الصفحة التالية
Icon