ما النصر في الحقيقة إلا بعون الله وحده، لا من الملائكة ولا من غيرهم ﴿العزيز الحكيم﴾ أي الغالب الذي لا يغلب في أمره الحكيم الذي يفعل ما تقتضيه حكمته الباهرة ﴿لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الذين كفروا﴾ أي ذلك التدبير الإِلهي ليهلك طائفة منهم بالقتل والأسر، ويهدم ركناً من أركان الشرك ﴿أَوْ يَكْبِتَهُمْ﴾ أي يغيظهم ويخزيهم بالهزيمة ﴿فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ﴾ أي يرجعوا غير ظافرين بمبتغاهم، وقد فعل تعالى ذلك بهم في بدر حيث قتل المسلمون من صناديدهم سبعين وأسروا سبعين وأعز الله المؤمنين وأذل الشرك والمشركين ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شَيْءٌ﴾ هذه الآية وردت اعتراضاً وهي في قصة أحد، وذلك لما كسرت رباعيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وشُج وجهه الشريف قال: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم؟ {فنزلت ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شَيْءٌ﴾ أي ليس لك يا محمد من أمر تدبير العباد شيء وإنما أمرهم إلى الله ﴿أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ أي فالله مالك أمرهم فإما أن يهلكهم، أو يهزمهم، أو يتوب عليهم إن أسلموا، أو يعذبهم إن أصرّوا على الكفر فإنهم ظالمون يستحقون العذاب ﴿وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي له جل وعلا وملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء وهو الغفور الرحيم ﴿يَآ أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الربا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً﴾ هذا نهيٌ من الله تعالى لعباده المؤمنين عن تعاطي الربا مع التوبيخ بما كانوا عليه في الجاهلية من تضعيفه قال ابن كثير: كانوا في الجاهلية إذا حلّ أجل الدين يقول الدائن: إمّا أن تَقْضي وإمّا أن تُرْبيي} فإن قضاه وإلاَّ زاده في المدة وزاده في القدر وهكذا كلّ عام فربما تضاعف القليل حتى يصير كثيراً مضاعفاً ﴿واتقوا الله﴾ أي اتقوا عذابه بترك ما نهى عنه ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ أي لتكونوا من الفائزين ﴿واتقوا النار التي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ أي احذروا نار جهنم التي هيئت للكافرين ﴿وَأَطِيعُواْ الله والرسول لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ أي اطيعوا الله ورسوله لتكونوا من الأبرار الذين تنالهم رحمة الله.
البَلاَغَة: ١ - ﴿إِذْ تَقُولُ﴾ صيغة المضارع لحكاية الماضية باستحضار صورتها في الذهن.


الصفحة التالية
Icon