يؤمنون الإِيمان الصحيح بالله واليوم الآخر، والآية في المنافقين ﴿وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً﴾ أي من كان الشيطان صاحباً له وخليلاً يعمل بأمره فساء هذا القرين والصاحب ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بالله واليوم الآخر وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ الله﴾ الإِستفهام للإِنكار والتوبيخ أي ماذا يضيرهم وأي تبعةٍ وبالٍ عليهم في الإِيمان بالله والإِنفاق في سبيله؟ قال الزمخشري: وهذا كما يقال للمنتقم: ما ضرك لو عفوت؟ وللعاقّ: ما كان يرزؤك لو كنت باراً؟ وهو ذم وتوبيخ وتجهيل بمكان المنفعة ﴿وَكَانَ الله بِهِم عَلِيماً﴾ وعيد لهم بالعقاب أي سيجازيهم بما عملوا ﴿إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ أي لا يبخس أحداً من عمله شيئاً ولو كان وزن ذرة وهي الهباءة وذلك على سبيل التمثيل تنبيهاً بالقليل على الكثير ﴿وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا﴾ أي وإِن كانت تلك الذرة حسنة ينمّها ويجعلها أضعافاً كثيرة ﴿وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ أي ويعط من عنده تفضلاً وزيادة على ثواب العمل أجراً عظيماً وهو الجنة ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً﴾ أي كيف يكون حال الكفار والفجار حين نأتي من كل أمةٍ بنبيها يشهد عليها، ونأتي بك يا محمد على العصاة والمكذبين من أمتك تشهد عليهم بالجحود والعصيان؟} كيف يكون موقفهم؟ وكيف يكون حالهم؟ والاستفهام هنا للتوبيخ والتقريع ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرسول﴾ أي في ذلك اليوم العصيب يتمنى الفجار الذين جحدوا وجدانية الله وعصوا رسوله ﴿لَوْ تسوى بِهِمُ الأرض﴾ أي لو يدفنوا في الأرض ثم تُسوّى بهم كما تُسوَّى بالموتى، أو لو تنشقالأرض فتبتلعهم ويكونون تراباً كقوله
﴿يَوْمَ يَنظُرُ المرء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الكافر ياليتني كُنتُ تُرَاباً﴾ [النبأ: ٤٠] وذلك لما يرون من أهوال يوم القيامة ﴿وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً﴾ أي لا يستطيعون أن يكتموا الله حديثاً لأن جوارحهم تشهد عليهم بما فعلوه.. ثم أمر تعالى باجتناب الصلاة في حال السكر والجنابة فقال ﴿يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنْتُمْ سكارى حتى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ﴾ أي لا تصلوا في حالة السكر لأن هذه الحالة لا يتأتى معها الخشوع والخضوع بمناجاته سبحانه وتعالى، وقد كان هذا قبل تحريم الخمر روى الترمذي عن علي كرم الله وجهه أنه قال «صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت» قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون. ونحن نعبد ما تعبدون «فأنزل الله ﴿يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنْتُمْ سكارى﴾ الآية ﴿وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حتى تَغْتَسِلُواْ﴾ أي ولا تقربوها وأنتم جنب أي غير طاهرين بإِنزالٍ أو إِيلاج إِلا إِذا كنتم مسافرين ولم تجدوا الماء فصلوا على تلك الحالة بالتيمم ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مرضى أَوْ على سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الغآئط﴾ أي وإِن كنتم مرضى ويضركم الماء، أو مسافرين وأنتم محدثون أو أحدثتم ببولٍ أو غائطٍ ونحوهما حدثاً أصغر ولم تجدوا الماء ﴿أَوْ لاَمَسْتُمُ النسآء﴾ قال ابن عباس: هو الجماع {فَلَمْ تَجِدُواْ


الصفحة التالية
Icon