سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذراعاً وإِن ضرسه مثل أحد» ﴿إِنَّ الله كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ أي عزيز لا يمتنع عليه شيء حكيم لا يعذّب إِلا بعدل ﴿والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً﴾ هذا إِخبار عن مآل السعداء أي سندخلهم جنات تجري فيها الأنهار في جمع فجاجها وأرجائها حيث شاءوا وأين أرادوا مقيمين في الجنة لا يموتون ﴿لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ﴾ أي لهم في الجنة زوجات مطهرات من الأقدار والأذى قال مجاهد: مطهرات من البول والحيض والنخام والبزاق والمني والولد ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً﴾ أي ظلاً دائماً لا تنسخه الشمس ولا حر فيه ولا برد قال الحسن: وُصف بأنه ظليل لأنه لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحرّ والسموم، وفي الحديث «إِن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها».
البَلاَغَة: تضمنت هذه الآيات من الفصاحة والبلاغة والبديع ما يلي بالإِيجاز:
١ - المجاز المرسل في ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ الناس﴾ المراد به محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من باب تسمية الخاص باسم العام إِشارة إِلى أنه جمعت فيه كمالات الأولين والآخرين.
٢ - الاستعارة في ﴿يَشْتَرُونَ الضلالة﴾ وفي ﴿لِيَذُوقُواْ العذاب﴾ لأن أصل الذوق باللسان فاستعير إِلى الألم الذي يصيب الإِنسان وفي ﴿لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ لأن أصل الليّ فتل الحبل فاستعير للكلام الذي قصد به غير ظاهره وفي ﴿نَّطْمِسَ وُجُوهاً﴾ وهي عبارة عن مسخ الوجوه تشبيهاً بالصحيفة المطموسة التي عُمّيت سطورها وأشكلت حروفها.
٣ - الاستفهام الذي يراد به التعجب في ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ في موضعين.
٤ - التعجب بلفظ الأمر في ﴿انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ﴾ وتلوين الخطاب في ﴿يَفْتَرُونَ﴾ وإقامته مقام الماضي للدلالة على الدوام والاستمرار.
٥ - الاستفهام الذي يراد منه التوبيخ والتقريع في ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ﴾ وفي ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ﴾.
٦ - التعريض في ﴿فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ الناس نَقِيراً﴾ عرَّض بشدة بخلهم.
٧ - الطباق في ﴿وُجُوه وَأَدْبَارِ﴾ وفي ﴿آمِنُواْ.. كَفَرُواْ﴾.

٨ - جناس الاشتقاق في ﴿نَلْعَنَهُمْ.. وَلَعَنَّآ﴾ وفي ﴿يُؤْتُونَ آتَاهُمُ﴾ وفي ﴿ظِلاًّ ظَلِيلاً﴾.
٩ - الإِطناب في مواضع، والحذف في مواضع.


الصفحة التالية
Icon