والأحكام ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعام إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ﴾ أي أُبيح لكم أكل الأنعام وهي الإِبل والبقر والغنم بعد ذبحها إِلا ما حرّم عليكم في هذه السورة وهي الميتة والدم ولحم الخنزير الخ ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصيد وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ أي أُحلت لكم هذه الأشياء من غير أن تستحلوا الصيد وأنتم محرمون ﴿إِنَّ الله يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾ أي يقضي في خلقه بما يشاء لأنه الحكيم في أمره ونهيه ﴿يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ الله﴾ أي لا تستحلوا حُرمات الله ولا تعتدوا حدوده قال الحسن: يعني شرائعه التي حدها لعباده وقال ابن عباس: ما حرّم عليكم في حال الإِحرام ﴿وَلاَ الشهر الحرام وَلاَ الهدي وَلاَ القلائد﴾ أي ولا يستحلوا الشهر الحرام بالقتال فيه، ولا ما أُهدي إِلى البيت أو قُلّد بقلادة ليعرف أنه هدي بالتعرض له ولأصحابه ﴿ولا آمِّينَ البيت الحرام يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً﴾ أي ولا تستحلوا قتال القاصدين إِلى بيت الله الحرام لحج أو عمرة، نهى تعالى عن الإِغارة عليهم أو صدهم عن البيت كما كان أهل الجاهلية يفعلون ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فاصطادوا﴾ أي إِذا تحللتم من الإِحرام فقد أُبيح لكم الصيد ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام أَن تَعْتَدُواْ﴾ أي لا يحملنكم بغضُ قوم كانوا قد صدوكم عن المسجد الحرام على أن تعتدوا عليهم ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البر والتقوى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإثم والعدوان﴾ أي تعاونوا على فعل الخيرات وترك المنكرات، وعلى كلْ ما يقرب إلى الله ﴿واتقوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ العقاب﴾ أي خافوا عقابه فإِنه تعالى شديد العقاب لمن عصاه ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة والدم وَلَحْمُ الخنزير﴾ أي حُرّم عليكم أيها المؤمنون أكل الميتة وهي ما مات حتف أنفه من غير ذكاة والدم والمسفوح ولحم الخنزير قال الزمخشري: كان أهل الجاهلية يأكون هذه المحرمات: البهيمة التي تموت حتف أنفها والفصيد وهو الدم في الأمعاء يشوونه ويقولون لم يحرم من فُزد - أي فصد - له وإِنما ذكر لحم الخنزير ليبيّن أنه حرام بعينه حتى ولو ذبح بالطريق الشرعي ﴿وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ﴾ أي ما ذكر عليه غير اسم الله أو ذبح لغير الله كقولهم باسم اللات والعزى ﴿والمنخنقة﴾ هي التي تُخنق بحبلٍ وشبهه ﴿والموقوذة﴾ هي المضروبة بعصا أو حجر ﴿والمتردية﴾ هي التي تسقط من جبل ونحوه ﴿والنطيحة﴾ هي التي نطحتها بهيمة أُخرى فماتت بالنطح ﴿وَمَآ أَكَلَ السبع﴾ أي أكل بعضَه السبع فمات ﴿إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ أي إِلا ما أدركتم فيه الروح من هذه الأشياء فذبحتموه الذبح الشرعي قبل الموت قال الطبري معناه: إِلاّ ما طهرتموه بالذبح الذي جعله الله طهوراً ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب﴾ أي وما ذبح على الأحجار المنصوبة قال قتادة: النُّصبُ حجارةٌ كان أهل الجاهلية يعبدونها ويذبحون لها فنهى الله عن ذلك قال الزمخشري: كانت لهم حجارة منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويشرحون اللحم عليها، يعظمونها بذلك ويتقربون به إِليها فنهى الله المؤمنين عن هذا التصنيع ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بالأزلام﴾ أي وحُرّم عليكم الاستقسام