العذاب لهم وأه لا سبيل لهم إِلى النجاةمنه بوجهٍ من الوجوه.

٥ - طباق السلب ﴿لَئِن بَسَطتَ مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ﴾.
الفوَائد: الأولى: النفي من الأرض كما يكون بالطرد والإِبعاد يكون بالحبس ولهذا قال مالك رَحِمَهُ اللَّهُ: النفيُ: السجنُ ينفى من سعة الدنيا إِلى ضيقها قال الشاعر وهو في السجن: إِذا جاءنا السّجان يوماً لحاجةٍ... عجبنا وقلنا: جاء هذا من الدنيا
خرجنا عن الدنيا وعن وصل أهلها فلسنا من الأحياء ولسنا من الموتى
الثانية: السرُّ في تقديم السارق على السارقة هنا وتقديم الزانية على الزاني في قوله ﴿الزانية والزاني فاجلدو﴾ [النور: ٢] أن الرجل على السرقة أجرأ، والزنى من المرأة أشنع وأقبح فناسب ذكر كل منهما المنام.
الثالثة: قال الأصمعي: قرأتُ يوماً هذه الآية ﴿والسارق والسارقة﴾ وإِلى جنبي أعرابي فقلت ﴿الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ سهواً فقال الأعرابي: كلامُ من هذا؟ قلت: كلام الله قال: ليس هذا بكلام الله أعِدْ فأعدت وتنبهتُ فقلت ﴿والله عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ فقال: نعم هذا كلام الله فقلت: أتقرأ القرآن؟ قال: لا قلت: فمن أين علمت أني أخطأتُ؟ فقال يا هذا: عزّ َفحكم فقطع، ولو غفر ورحم لما قطع.
الرابعة: اعترض بعض الملحدين على الشريعة الغراء في قطع يد السارق بالقليل من المال ونظم ذلك شعراً فقال:
يدٌ بخمسِ مثين عسجدٍ وُديتْ ما بالُها قُطعتْ في رُبْع دينار؟
تحكّمٌ مالنا إلا السكوتُ له وأن نعوذَ بمولانا من النّار
فأجابه بعض العلماء بقوله:
عزُّ الامانة أغلاها وأرخصَها ذلُّ الخيانةِ فافهم حكمةَ الباري
أي لّما كانت أمينة كانت ثمينة، فلما خانت هانت، ويا له من قول سديد.
«كلمة وجيزة حول قطع يد السارق»
يعيب بعض الغربيين على الشريعة الإِسلامية قطع يد السارق ويزعمون أن هذه العقوبة صارمة لا تليق بمجتمع متحضر ويقولون: يكفي في عقوبته السجن ردعاً له، وكان من أثر هذه الفلسفة التي لا تستند على منطقٍ سليم أن زادت الجرائم وكثرت العصابات وأصبحت السجون ممتلئة بالمجرمين وقطاع الطريق الذين يهدّدون الأمن والاستقرار، يسرق السارق وهو آمن مطمئن لا يخشى شيئاً اللهم إلا ذلك السجن يُطعم ويُكسى فيه فيقضي مدة العقوبة التي فرضها عليه القانون الوضعي ثم يخرج منه وهو إِلى الإِجرام أميل وعلى الشر أقدر، يؤكد هذا ما نقرؤه ونسمعه عن تعداد الجرائم وزيادتها يوماً بعد يوم، وذلك لقصور العقل البشري عن الوصول إلى الدواء الناجع والشفاء النافع


الصفحة التالية
Icon