اليهود وغيرهم.
. وكل آية وردت في الكفار تجرُّ بذيلها على عصاة المؤمنين ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النفس بالنفس﴾ أي فرضنا على اليهود في التوراة أن النفس تُقتل بالنفس ﴿والعين بالعين﴾ أي تُفقأ بالعين إِذا فقئت بدون حق ﴿والأنف بالأنف﴾ أي يجُدع بالأنف إِذا قطع ظلماً ﴿والأذن بالأذن﴾ أي تقطع بالأذن ﴿والسن بالسن﴾ أي يقلع بالسنِّ ﴿والجروح قِصَاصٌ﴾ أي يُقتص من جانبها بأن يُفعل به مثل ما فعله بالمجني عليه وهذا في الجراح التي يمكن فيها المماثلة ولا يُخاف على النفس منها ﴿فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ﴾ قال ابن عباس: أي فمن عفا عن الجاني وتصدَّق عليه فهو كفارة للمطلوب وأجرٌ للطالب وقال الطبري: من تصدَّق من أصحاب الحق وعفا فهو كفارة له أي للمصدِّق ويكفّر الله ذنوبه لعفوه وإِسقاطه حقه ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ الله فأولئك هُمُ الظالمون﴾ أي المبالغون في الظلم لمخالفة شرع الله ﴿وَقَفَّيْنَا على آثَارِهِم بِعَيسَى ابن مَرْيَمَ﴾ أي أتبعنا على آثار النبيّين بعيسى بن مريم وأرسلناه عقيبهم مصدقاً لما تقدّمه من التوراة ﴿وَآتَيْنَاهُ الإنجيل فِيهِ هُدًى وَنُورٌ﴾ أي أنزلنا عليه الإِنجيل فيه هدى إِلى الحق ونور يُستضاء به في إِزالة الشبهات ﴿مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التوراة﴾ أي مُعترفاً بأنها من عند الله، والتكرير لزيادة التقرير ﴿وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ﴾ أي وهادياً وواعظاً للمتقين ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَآ أَنزَلَ الله﴾ أي وآتينا عيسى بن مريم الإِنجيل وأمرناه وأتباعه بالحكم به ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ الله فأولئك هُمُ الفاسقون﴾ أي المتمردون الخارجون عن الإِيمان وطاعة الله ﴿وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الكتاب بالحق﴾ أي وأنزلنا إِليك يا محمد القرآن بالعدل والصدق الذي لا ريب فيه ﴿مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب﴾ أي مصدّقاً للكتب السماوية التي سبقته ﴿وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ أي مؤتمناً عليه وحاكماً على ما قبله من الكتب قال الزمخشري: أي رقيباً على سائر الكتب لأنه يشهد لها بالصحة والثبات قال ابن كثير: اسم المهيمن يتضمن ذلك فهو أمينٌ وشاهد وحاكم على كل كتابٍ قبله جمع الله فيه محاسن من قبله وزاده من الكمالات ما ليس في غيره ﴿فاحكم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ الله﴾ أي فاحكم يا محمد بين الناس بما أنزل الله إِليك في هذا الكتاب العظيم ﴿وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الحق﴾ أي لا توافقهم على أغراضهم الفاسدة عادلاً عمّا جاءك في هذا القرآن قال ابن كثير: أي لا تنصرفْ عن الحق الذي أمرك الله به إِلى أهواء هؤلاء من الجهلة الأشقياء ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً﴾ أي لكل أمةٍ جعلنا شريعة وطريقاً بيناً واضحاً خاصاً بتلك الأمة قال أبو حيان: لليهود شرعةٌ ومنهاج وللنصارى كذلك والمراد في الأحكام وأما المعتقد فواحدٌ لجميع الناس توحيدٌ وإِيمان بالرسل وجميع الكتب وما تضمنته من المعاد والجزاء ﴿وَلَوْ شَآءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ أي لو أراد الله لجمع الناس كلهم على دين واحد وشريعة واحدة لا ينسخ شيءٌ منها الآخر ﴿ولكن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم﴾ أي شرع الشرائع مختلفة ليختبر العباد هل يذعنون لحكم الله أم يُعرضون، فخالف بين الشرائع لينظر المطيع