اليهود والنصارى آمنوا بالله وبرسوله حق الإِيمان واتقوا محارم الله فاجتنبوها ﴿لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ أي محونا عنهم ذنوبهم التي اقترفوها ﴿وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النعيم﴾ أي ولأدخلناهم مع ذلك في جنان النعيم ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التوراة والإنجيل وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ﴾ أي ولو أنهم استقاموا على أمر الله وعملوا بما في التوراة والإِنجيل وبما أُنزل إِليهم في هذا الكتاب الجليل الذي نزل على خاتم الرسل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ﴿لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ أي لوسّع الله عليهم الأرزاق وأغدق عليهم الخيرات بإِفاضة بركات السماء والأرض عليهم ﴿مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ﴾ أي منهم جماعة معتدلة مستقيمة غير غالية ولا مقصّرة، وهم الذين آمنوا بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كعبد الله بن سلام والنجاشي وسلمان ﴿وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾ أي وكثير منهم أشرار بئس ما يعملون من قبيح الأقوال وسوء الفعال.
البَلاَغَة: ١ - ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين﴾ بين لفظ «أعزّة» و «أذلة» طباقٌ وهو من المحسنات البديعية وكذلك بين لفظ ﴿مِن فَوْقِهِمْ.... وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾.
٢ - ﴿لَوْمَةَ لائم﴾ في تنكير لومة ولائم مبالغةٌ لا تخفى لأن اللّومة المرّة من اللوم.
٣ - ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ هذا على سبيل التهييج.
٤ - ﴿هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا﴾ يسمى مثل هذا عند علماء البيان تأكيد المدح بما يشبه الذم وبالعكس فقد جعلوا التمسك بالإِيمان موجباً للإِنكار والنقمة مع أن الأمر بالعكس.
٥ - ﴿مَثُوبَةً عِندَ الله مَن لَّعَنَهُ الله﴾ هذا من باب التهكم حيث استعملت المثوبة في العقوبة.
٦ - ﴿شَرٌّ مَّكَاناً﴾ نسب الشرُّ للمكان وهو في الحقيقة لأهله وذلك مبالغة في الذم.
٧ - ﴿يَدُ الله مَغْلُولَةٌ﴾ غلُّ اليد كناية عن البخل وبسيطها كناية عن الجود.
٨ - ﴿أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ﴾ إيقاد النار في الحرب استعارة لأن الحرب لا نار لها وإِنما شبهت بالنار لأنها تأكل أهلها كما تأكل النار حطبها.
٩ - ﴿لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ استعارة أيضاً عن سبوغ النعم وتوسعة الرزق عليهم كما يقال: عمَّه الرزق من فوقه إِلى قدمه.
الفوَائِد: الأولى: روي أعمر بلغه أن كاتباً نصرانياً قد استعمله أبو موسى الأشعري فكتب إِلى أبي موسى: لا تكرموهم إِذْ أهانهم الله، ولا تأمنوهم إِذْ خوّنهم الله، ولا تُدنوهم إِذْ أقصاهم الله فقال له أبو موسى: لا قوام للبصرة إِلا به فقال عمر: مات النصراني فماذا تفعل.
الثانية: قُتِل مسليمةُ الكذاب في عهد أبي بكر يد «وحشي» قاتل حمزة وكأن يقول: قتلتُ خير الناس في الجاهلية - يريد حمزة - وشرَّ الناس في الإِسلام - يريد مسليمة الكذاب.
الثالثة: قال المفسرون: «عسى» من الله واجب لأن الكريم إِذا أطمع في خيرٍ فله فهو بمنزلة


الصفحة التالية
Icon