التي تقربهم من الله ﴿والله يُحِبُّ المحسنين﴾ أي يحب المتقربين إِليه بالأعمال الصالحة قال في التسهيل: كرّر التقوى مبالغةٌ وقيل: الرتبة الأولى: إِتقاء الشرك، والثانيةُ: اتقاء المعاصي، والثالثةُ: اتقاء ما لا بأس به حذراً مما به البأس ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله بِشَيْءٍ مِّنَ الصيد تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ أي ليختبرنكم الله في حال إِحرامكم بالحج أو العمرة بشيء من الصيد تنال صغاره الأيدي وكباره الرماح قال البيضاوي: نزل في عام الحديبية ابتلاهم الله سبحانه وتعالى: بالصيد وكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم بحيث يتمكنون من صيدها أخذاً بأيديهم وطعناً برماحهم وهم محرمون قال في البحر: وكان الصيد مما تعيش به العرب وتتلذذ باقتناصه ولهم فيه الأشعار والأوصاف الحسنة ﴿لِيَعْلَمَ الله مَن يَخَافُهُ بالغيب﴾ أي ليتميز الخائف من الله بطريق الغيب لقوة إِيمانه ممن لا يخاف الله لضعف إِيمانه ﴿فَمَنِ اعتدى بَعْدَ ذلك فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي فمن تعرّض للصيد بعد هذا الإِعلام والإِنذار فله عذابٌ مؤلم موجع ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصيد وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ أي لا تقتلوا الصيد وأنتم محرمون بحجٍ أو عمرة ﴿وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النعم﴾ أي من قتل الصيد في حالة الإِحرام فعليه جزاء يماثل ما قتل من النَّعم وهي الإِبل والبقر والغنم ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ﴾ أي يحكم بالمِثْل حكمان عادلان من المسلمين ﴿هَدْياً بَالِغَ الكعبة﴾ أي حال كونه هدياً يُنحر ويُتصدَّق به على مساكينه فإِن لم يكن للصيد مثلٌ من النَّعم كالعصفور والجراد فعليه قيمته ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾ أي وإِذا لم يجد المحرم مثل ما قتل من النَّعم فَيُقوّم الصيدُ المقتول ثم يُشترى به طعامٌ فيصرفُ لكل مسكينٍ مدٌّ منه ﴿أَو عَدْلُ ذلك صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ﴾ أي عليه مثل ذلك الطعام صياماً يصومه عن كل مدٍّ يوماً ليذوق سوء عاقبة هتكه لحرمة الإِحرام قال في التسهيل: عدَّد تعالى ما يجب في قتل المحرم للصيد، فذكر أولاً الجزاء من النَّعم، ثم الطعام، ثم الصيام ومذهب مالك والجمهور أنها على التخيير وهو الذي يقتضيه العطف ب «أو» وعن ابن عباس أنها على الترتيب ﴿عَفَا الله عَمَّا سَلَف﴾ أي من قتل الصيد قبل التحريم ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ الله مِنْهُ﴾ أي ومن عاد إِلى قتل الصيد وهو محرم فينتقم الله منه في الآخرة ﴿والله عَزِيزٌ ذُو انتقام﴾ أي غالب في أمره منتقم ممن عصاه ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البحر﴾ أي أُحلَّ لكم أيها الناس صيد البحر سواء كنتم محرمين أو غير محرمين ﴿وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾ أي وما يُطعم من صيده كالسمك وغيره منفعةً وقوتاً لكم وزاداً للمسافرين يتزودونه في أسفارهم ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البر مَا دُمْتُمْ حُرُماً﴾ أي وحُرّم عليكم صيد البر ما دمتم محرمين ﴿واتقوا الله الذي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ أي خافوا الله الذي تبعثون إِليه يوم القيامة فيجازيكم على أعمالكم وهو وعيد وتهديد.
البَلاَغَة:
١ - بين لفظ ﴿عَدَاوَةً | مَّوَدَّةً﴾ طباقٌ وهو من المحسنات البديعية. |