المنَاسَبَة: لّما أقام تعالى الأدلة والبراهين على وجوده ووحدانيته، أعقبه بذكر الأدلة على صفاته القدسية: علمه، وقدرته، وعظمته، وجلاله، وسائر صفات الجلال والجمال، ثم ذكر نعمته على العباد بإِنجائهم من الشدائد، وقدرته على الانتقام ممَّن خالف أمره وعصى رسله.
اللغَة: ﴿كَرْبٍ﴾ الكرب: الغمُّ الذي يأخذ بالنفس ﴿شِيَعاً﴾ الشيعة: الفرقة تتبع الأخرى ويجمع على شيع وأشياع ﴿أُبْسِلُواْ﴾ الإِبسال: تسليم الإِنسان نفسه للهلاك ﴿عْدِلْ﴾ فدية ﴿حَمِيمٍ﴾ الحميم: الماء الحار ﴿حَيْرَانَ﴾ الحَيرْة: التردد في الأمر لا يهتدي إِلى مخرجٍ منه ﴿الغيب﴾ ما غاب عن الحواس ﴿الشهادة﴾ ما كان مشاهداً ظاهراً للعيان ﴿تُحْشَرُونَ﴾ تجمعون.
التفِسير: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ﴾ أي عند الله خزائن الغيب وهي الأمور المغّيبة الخفيّة لا يعلمها ولا يحيط بها إلا هو ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي البر والبحر﴾ أي ويعلم ما في البر والبحر من الحيوانات جملةً وتفصيلاً وفي كلٍ عوالم وعجائب وسعها علمه وقدرته ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا﴾ مبالغةٌ في إِحاطة علمه بالجزئيات أي لا تسقط ورقة من الشجر إِلا يعلم وقت سقوطها والأرض التي تسقط عليها ﴿وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرض﴾ أي ولا حبة صغيرة في باطن الأرض إِلا يعلم مكانها وهل تنبت أولاوكم تنبتُ ومن يأكلها ﴿وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ أي ولا شيءٍ فيه رطوبة أو جفاف إِلا وهو معلوم عند الله ومسجّل في اللوح المحفوظ قال أبو حيان:


الصفحة التالية
Icon