وجوههم وأدبارهم لتخرج أرواحهم من أجسادكم، وهذه عبارة عن العنف في السياق والإِلحاح الشديد في الإِزهاق من غير تنفيس وإِمهال ﴿اليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون﴾ أي تُجزون العذاب الذي يقع به الهوان الشديد مع الخزي الأكيد ﴿بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى الله غَيْرَ الحق﴾ أي بافترائكم على الله ونسبتكم إِليه الشريك والولد ﴿وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ أي تتكبرون عن الإِيمان بآيات الله فلا تتأملون فيها ولا تؤمنون ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فرادى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ أي جئتمونا للحساب منفردين عن الأهل والمال والولد حفاةً عراة غرلاً كما ورد في الحديث «أيها الناس إِنكم محشورون إِلى الله حفاةً عُراةً غرلاً كما بدأنا أول خلق نعيده..» ﴿وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾ أي تركتم ما أعطيناكم من الأموال في الدنيا فلم تنفعكم في هذا اليوم العصيب ﴿وَمَا نرى مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الذين زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ﴾ أي وما نرى معكم آلهتكم الذين زعمتم أنهم يشفعون لكم والذين اعتقدتم أنهم شركاء لله في استحقاق العبادة ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ أي تقطّع وصلكم وتشتّت جمعكم ﴿وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أي ضاع وتلاشى ما زعمتوه من الشفعاء والشركاء.
البَلاَغَة: ١ - ﴿وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيمَ﴾ حكاية حال ماضية أي أريناه.
٢ - ﴿لأَكُونَنَّ مِنَ القوم الضالين﴾ فيه تعريض بضلال قومه، وبين لفظ ﴿الهداية والضلالة﴾ طباقٌ وهو من المحسنات البديعية.
٣ - ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ﴾ بينهما جناس الاشتقاق.
٤ - ﴿هُدَى الله﴾ الإِضافة للتشريف وبين ﴿هُدَى﴾ و ﴿يَهْدِي﴾ جناس الاشتقاق أيضاً.
٥ - ﴿مَآ أَنزَلَ الله على بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ﴾ مبالغة في إِنكار نزول شيء من الوحي على أحدٍ من الرسل.
٦ - ﴿مَنْ أَنزَلَ الكتاب﴾ استفهام للتبكيت والتوبيخ.
٧ - ﴿تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ﴾ بينهما طباق.
٨ - ﴿أُمَّ القرى﴾ مكة المكرمة وفيه استعارة حيث شبهت بالأم لأنها أصل المدن والقرى.
٩ - ﴿فِي غَمَرَاتِ الموت﴾ قال الشريف الرضي: هذه استعارة عجيبة حيث شبه سبحانه ما يعتورهم من كُرب الموت وغصصه بالذين تتقاذفهم غمرات الماء ولججه وسميت غمرة لأنها تغمر قلب الإِنسان.
تنبيه: ذهب بعض المفسرين إِلى أن ﴿آزَرَ﴾ عم إِبراهيم وليس أباه وقال آخرون: إنه اسم


الصفحة التالية
Icon