وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي حلف كفار مكة بأغلظ الأيمان وأشدها ﴿لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا﴾ أي لئن جاءتهم معجزة أو أمر خارقٌ مما اقترحوه ليؤمننَّ بها ﴿قُلْ إِنَّمَا الآيات عِندَ الله﴾ أي قل لهم يا محمد أمر هذه الآيات عند الله لا عندي هو القادر على الإتيان بها دوني ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ أي وما يدريكم أيها المؤمنون لعلها إذا جاءتهم لا يصدقون بها!! ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ أي ونحوّل قلوبهم عن الإِيمان كما لم يؤمنوا بما أُنزل من القرآن أول مرة قال الصاوي: وهو استئناف مسوقٌ لبيان أن خالق الهدى والضلال هو الله لا غيره فمن أراد له الهدى حوّل قلبه له، ومن أراد الله شقاوته حوّل قلبه لها ﴿وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ أي ونتركهم في ضلالهم يتخبطون ويتردّدون متحيرين.
البَلاَغَة: ١ - ﴿يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت﴾ بين لفظ الحيّ والميت طباقٌ وهو من المحسنات البديعية وفي الآية أيضاً من المحسنات ما يسمى ردّ العجز على الصدر في قوله ﴿وَمُخْرِجُ الميت مِنَ الحي﴾.
٢ - ﴿فأنى تُؤْفَكُونَ﴾ استفهام إنكاري بمعنى النفي أي لا وجه لصرفكم عن الإِيمان بعد قيام البرهان.
٣ - ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ﴾ فيه التفاتٌ عن الغيبة والأصل فأخرج به والنكتة هي الاعتناء بشأن المُخْرج والإِشارة إلى أنَّ نِعَمَه عظيمة.
٤ - ﴿والزيتون والرمان﴾ من عطف الخاص على العام المزيد الشرف لأنهما من أعظم النعم.
٥ - ﴿بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ﴾ مجاز مرسل من باب تسمية المسبب باسم السبب أي حجج وبراهين تبصرون بها الحقائق.
٦ - ﴿أَبْصَرَ عَمِيَ﴾ طباق وبين لفظ ﴿بَصَآئِرُ أَبْصَرَ﴾ جناس الاشتقاق.
تنبيه: قوله تعالى ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار﴾ الآية نفت الإِحاطة ولم تنف الرؤية فلم يقل تعالى: لا تراه الأبصار فمن ذهب إلى عدم رؤية الله في الآخرة كالمعتزلة فقد جانب الحق وضلّ السبيل بمخالفة ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ المتواترة أما الكتاب فقوله تعالى ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٣] وأما السنة فما أخرجه البخاري «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته..» الحديث وكفى بالكتاب والسنة دليلاً وهادياً.


الصفحة التالية
Icon