القدسي:
«يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيدُ، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغْفرُ» فالزيادة في الحسنات من باب الفضل، والمعاملة بالمثل في السيئات من باب العدل ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي ربي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين إِن ربي هداني إِلى الطريق القويم وأرشدني إِلى الدين الحق دين إِبراهيم ﴿دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً﴾ أي ديناً مستقيماً لا عوج فيه هو دين الحنيفية السمحة الذي جاء به إِمام الحنفاء إِبراهيم الخليل ﴿وَمَا كَانَ مِنَ المشركين﴾ أي وما كان إِبراهيم مشركاً، وفيه تعريضٌ بإِشراك من خالف دين الإِسلام لخروجه عن دين إِبراهيم ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي﴾ أي قل يا محمد إِنَّ صلاتي التي أعبد بها ربي ﴿وَنُسُكِي﴾ أي ذبحي ﴿وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي﴾ أي حياتي ووفاتي وما أقدّمه في هذه الحياة من خيرات وطاعات ﴿للَّهِ رَبِّ العالمين﴾ أي ذلك كله لله خالصاً له دون ما أشركتم به ﴿لاَ شَرِيكَ لَهُ﴾ أي لا أعبد غير الله ﴿وبذلك أُمِرْتُ﴾ أي بإِخلاص العبادة لله وحده أُمرتُ ﴿وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين﴾ أي أولُّ من أقرَّ وأذعنَ وخضع لله جلّ وعلا ﴿قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِي رَبّاً﴾ تقريرٌ وتوبيخ للكفار، وسببها أنهم دعوة إِلى عبادة آلهتهم والمعنى: قل يا محمد أأطلب رباص غير الله تعالى؟ ﴿وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ أي والحال هو خالق ومالك كل شيء فكيف يليق أن أتخذ إِلهاً غير الله؟ ﴿وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا﴾ أي لا تكون جناية نفسٍ من النفوس إِلا عليها ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ أي لا يحمل أحدٌ ذنب أحد، ولا يؤاخذ إِنسانٌ بجريرة غيره ﴿ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ وهذا وعيدٌ وتهديد أي مرجعكم إِليه يوم القيامة فيجازيكم على أعمالكم ويميز بين المحسن والمسيء ﴿وَهُوَ الذي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأرض﴾ أي جعلكم خلفاً للأمم الماضية والقرون السالفة يخلف بعضكم بعضاً قال الطبري: أي استخلفكم بعد أن أهلك من كان قبلكم من القرون والأمم الخالية فجعلكم خلائف منهم في الأرض تخلفونهم فيها ﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ أي خالف بين أحوالكم في الغنى والفقر، والعلم والجهل، والقوة والضعف وغير ذلك مما وقع فيه التفضيل بين العباد ﴿لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ﴾ أي ليختبر شكركم على ما أعطاكم قال ابن الجوزي: أي ليختبركم فيظهر منكم ما يكون به الثواب والعقاب ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العقاب وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي إِن ربك سريع العقاب لمن عصاه وغفور رحيم لمن أطاعه، قال في التسهيل: جمع بين الخوف والرجاء، وسرعة العقاب إِما في الدنيا بتعجيل الأخذ أو في الآخرة لأن كل ما هو آتٍ قريب.
البَلاَغَة: ١ - ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل﴾ السُّبل استعارة عن البدع والضلالات والمذاهب المنحرفة.
٢ - ﴿لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً﴾ التنكير لإِفادة العموم والشمول.


الصفحة التالية
Icon