أبو جهل هو المستفتح ﴿وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ أي وإِن تكفّوا يا معشر قريش عن حرب الرسول ومعاداته، وعن الكفر بالله ورسوله فهو خير لكم في دنياكم وآخرتكم ﴿وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ﴾ أي وإِن تعودوا الحربة وقتاله نعد لنصره عليكم ﴿وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ﴾ أي لن تدفع عنكم جماعتكم التي تستنجدون بها شيئاً من عذاب الدنيا مهما كثر الأعوان والأنصار ﴿وَأَنَّ الله مَعَ المؤمنين﴾ أي لأن الله سبحانه مع المؤمنين بالنصر والعون والتأييد ﴿ياأيها الذين آمنوا أَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ﴾ أي دوموا على طاعة الله وطاعة رسوله يدم لكم العز الذي حصل ببدر ﴿وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾ أي لا تعرضوا عنه بمخالفة أمره وأصله تتولوا حذفت منه إِحدى التاءين ﴿وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ أي تسمعون القرآن والمواعظ ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾ أي لا تكونوا كالكفار الذين سمعوا بآذانهم دون قلوبهم، فسماعهم كلا سماعٍ لأن الغرض من السماع التدبر والاتعاظ ﴿إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله﴾ أي شرَّ الخلق وشرَّ البهائم التي تدبُّ على وجه الأرض ﴿الصم البكم﴾ أي الصمُّ الذين لا يسمعون الحق، البكم أي الخرس الذين لا ينطقون به ﴿الذين لاَ يَعْقِلُونَ﴾ أي الذين فقدوا العقل الذي يميز به المرء بين الخير والشر، نزلت في جماعة من بني عبد الدار كانوا يقولون: نحن صمٌّ بكمٌّ عما جاء به محمد، وتوجهوا لقتال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مع أبي جهل، وفي الآية غاية الذم للكافرين بأنهم أشرُّ من الكلب والخنزير والحمير، لأنهم لم يستفيدوا من حواسهم فصاروا أخسَّ من كل خسيس ﴿وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ﴾ أي لو علم الله فيهم شيئاً من الخير لأسمعهم سماع تفهم وتدبر ﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ﴾ أي ولو فُرض أن الله أسمعهم - وقد علم أن لا خير فيهم - لتولوا وهم معرضون عنه جحوداً وعناداً، وفي هذا تسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على عدم إِيمان الكافرين.
البَلاَغَة: ١ - ﴿أولائك هُمُ المؤمنون﴾ الإِشارة بالبعيد عن القريب لعلو رتبتهم وبعد منزلتهم في الشرف.
٢ - ﴿لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ استعار الدرجات للمراتب الرفيعة والمنازل العالية في الجنة.
٣ - ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الموت﴾ التشبيه هنا تمثيلي.
٤ - ﴿أَن يُحِقَّ الحَقَّ﴾ بينهما جناس الاشتقاق.
٥ - ﴿ذَاتِ الشوكة﴾ استعيرت الشوكة للسلاح بجامع الشدة والحدّة بينهما.
٦ - ﴿وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكافرين﴾ كناية عن استئصالهم بالهلاك.
٧ - ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ﴾ صيغة المضارع لاستحضار صورتها الغريبة في الذهن.
٨ - ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السمآء مَآءً﴾ تقديم الجار والمجرور على المفعول به للاهتمام بالمقدم والتشويق إِلى المؤخر.
٩ - ﴿إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الفتح﴾ الخطاب للمشركين على سبيل التهكم كقوله ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم﴾ [الدخان: ٤٩].


الصفحة التالية
Icon