الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين} قال الطبري: أي لا تنال الصدقات إِلا للفقراء والمساكين ومن سماهم الله جل ثناؤه والآية تقتضي حصر الصدقات وهي الزكاة في هذه الأصناف الثمانية فلا يجوز أن يعطى منها غيرهم، والفقير الذي له بُلْغة من العيش، والمسكين الذي لا شيء له قال يونس: سألت اعرابياً أفقير أنت؟ فقال: لا والله بل مسكين، وقيل: المسكين أحسن حالاً من الفقير، والمسألة خلافية ﴿والعاملين عَلَيْهَا﴾ أي الجباة الذين يجمعون الصدقات ﴿والمؤلفة قُلُوبُهُمْ﴾ هم قوم من أشراف العرب أعطاهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليتألف قلوبهم على الإِسلام، وروى الطبري عن صفوان بن أمية قال: لقد أعطاني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإِنه لأبغض الناس إِلي، فما زال يعطيني حتى إِنه لأحب الناس إِلي ﴿وَفِي الرقاب﴾ أي وفي فك الرقاب لتخليصهم من الرق ﴿والغارمين﴾ أي المديونين الذين أثقلهم الدين ﴿وَفِي سَبِيلِ الله﴾ أي المجاهدين والمرابطين وما تحتاج إِليه الحرب من السلاح والعتاد ﴿وابن السبيل﴾ أي الغريب الذي انقطع في سفره ﴿فَرِيضَةً مِّنَ الله﴾ أي فرضها الله جل وعلا وحددها ﴿والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ أي عليم بمصالح العباد، حكيم لا يفعل إِلا ما تقتضيه الحكمة قال في التسهيل: وإِنما حصر مصرف الزكاة في تلك الأصناف ليقطع طمع المنافقين فيها فاتصلت هذه في المعنى بآية اللمز في الصدقات.
البَلاَغَة: ١ - ﴿أَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً﴾ بينهما جناس الاشتقاق وكذلك في قوله ﴿اقعدوا مَعَ القاعدين﴾.
٢ - ﴿ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ﴾ قال الطيبي: فيه استعارة تبعية حيث شبه سرعة إِفسادهم ذات البين بالنميمة بسرعة سير الراكب ثم استعير لها الإِيضاع وهو للإِبل، والأصل ولأوضعوا ركائب نمائمهم.
٣ - ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بالكافرين﴾ فيه استعارة حيث شبه وقوعهم في جهنم بإِحاطة العدو بالجند أو السوار بالمعصم، وإيثار الجملة الإِسمية للدلالة على الثبات والاستمرار.
٤ - ﴿إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ..﴾ الآية فيها من المحسنات البديعية ما يسمى بالمقابلة.
٥ - ﴿وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ﴾ تقديم الجار والمجرور على الفعل لإِفادة القصر، وإِظهار الاسم الجليل مكان الاضمار لتربية الروعة والمهابة.
٦ - ﴿طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾ بينهما طباق وكذلك بين الرضا والسخط في قوله ﴿رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾.
٧ - ﴿عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ صيغة فعيل للمبالغة أي عظيم العلم والحكمة.
لطيفَة: قال الزمخشري في قوله تعالى ﴿وَقِيلَ اقعدوا مَعَ القاعدين﴾ هذا ذم لهم وتعجيز


الصفحة التالية
Icon