يؤدونها على الوجه الكامل ﴿وَيُؤْتُونَ الزكاة﴾ أي يُعطونها إلى مستحقيها ابتغاء وجه الله ﴿وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ﴾ أي في كل أمر ونهي ﴿أولئك سَيَرْحَمُهُمُ الله﴾ أي سيدخلهم في رحمته، ويفيض عليهم جلائل نعمته ﴿إِنَّ الله عَزِيزٌ﴾ أي غالب لا يٌغلب من أطاعه ويذل من عصاه ﴿حَكِيمٌ﴾ أي يضع كل شيء في موضعه على أساس الحكمة، في النعمة والنقمة ﴿وَعَدَ الله المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ أي وعدهم على إِيمانهم بجنات وارفة الظلال، تجري من تحت أشجارها الأنهار ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي لابثين فيها أبداً، لا يزول عنهم نعيمها ولا يبيد ﴿وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ أي ومنازل يطيب فيها العيش في جنات الخلد والاقامة قال الحسن: هي قصور من اللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجد ﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ الله أَكْبَرُ﴾ أي وشيء من رضوان الله أكبر من ذلك كله، وفي الحديث يقول الله تعالى لأهل الجنة:
«يا أهل الجنة فيقولون: لبيك ربنا وسعديك فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعط أحداً من خلقك! فيقول: أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أُحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً» ﴿ذلك هُوَ الفوز العظيم﴾ أي ذلك هو الظفر العظيم الذي لا سعادة بعده ﴿ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين﴾ قال ابن عباس: جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان ﴿واغلظ عَلَيْهِمْ﴾ أي اشدد عليهم بالجهاد والقتال والارعاب ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ أي مسكنهم ومثواهم جهنم ﴿وَبِئْسَ المصير﴾ أي بئس المكان الذي يصار إِليه جهنم ﴿يَحْلِفُونَ بالله مَا قَالُواْ﴾ أي يحلف المنافقون أنهم ما قالوا الذي بلغك عنهم من السب قال قتادة: نزلت في عبد الله بن أبي، وذلك أنه اقتتل رجلان: جهني وانصاري، فعلا الجهني على الأنصاري، فقال ابن سلول للأنصار: ألا تنصرون أخاكم؟ والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل «سمن كلبك يأكلك» فسعى بها رجل من المسلمين إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأرسل إليه يسأله فجعل يحلف بالله ما قاله فأنزل الله فيه هذه الآية ﴿وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الكفر﴾ هي قول ابن سلول «لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل» ﴿وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ﴾ أي أظهروا الكفر بعد إظهار الإِسلام ﴿وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ﴾ قال ابن كثير: هم نفر من المنافقين همّوا بالفتك بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عند عودته من تبوك وكانوا بضعة عشر رجلاً ﴿وَمَا نقموا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ﴾ أي ما عابوا على الرسول وما له عندهم ذنب إلا أن الله أغناهم ببركته، ويُمن سعادته، وهذه الصيغة تقال حيث لا ذنب.
. ثم دعاهم تبارك وتعالى إلى التوبة فقال ﴿فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ﴾ أي فإِن يتوبوا عن النفاق يكن رجوعهم وتوبتهم خيراً لهم وأفضل ﴿وَإِن يَتَوَلَّوْا﴾ أي يعرضوا ويصروا على النفاق ﴿يُعَذِّبْهُمُ الله عَذَاباً أَلِيماً﴾ أي يعذبهم عذاباً شديداً ﴿فِي الدنيا والآخرة﴾ أي في الدنيا بالقتل والأسر، وفي الآخرة بالنار وسخط الجبار ﴿وَمَا لَهُمْ فِي الأرض مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ أي ليس لهم من ينقذهم من العذاب، أو يشفع لهم فيخلصهم وينجيهم يوم الحساب.


الصفحة التالية
Icon