تقديره فظلموا أنفسهم بأن كفروا وما ظلمونا بذلك دل على هذا الحذف قوله ﴿ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ والجمع بين صيغتي الماضي والمضارع ﴿ظَلَمُونَا﴾ و ﴿يَظْلِمُونَ﴾ للدلالة على تماديهم في الظلم واستمرارهم على الكفر.
ثالثاً: وضع الظاهرة مكان الضمير في قوله ﴿فَأَنزَلْنَا عَلَى الذين ظَلَمُواْ﴾ ولم يقل «فأنزلنا عليهم» لزيادة التقبيح والمبالغة في الذم والتقريع، وتنكير ﴿رِجْزاً﴾ للتهويل والتفخيم.
تنبيه: قال الراغب: تخصيص قوله ﴿رِجْزاً مِّنَ السمآء﴾ هو أن العذاب ضربان: ضربً قد يمكن دفاعه وهو كل عذاب جاء على يد آدمي، أو من جهة المخلوقات كالهدم والغرق، وضربٌ لا يمكن دفاعه بقوة آدمي كالطاعون والصاعقة والموت وهو المراد بقوله ﴿رِجْزاً مِّنَ السمآء﴾.
المنَاسَبَة: لا تزال الآيات تعدّد النعم على بني إِسرائيل، وهذه إِحدى النعم العظيمة عليهم حين كانوا في التيه، وعطشوا عطشاً شديداً كادوا يهلكون معه، فدعا موسى ربه أن يغيثهم فأوحى الله إِليه أن يضرب بعصاه الحجر، فتفجرت منه عيون بقدر قبائلهم، وكانوا اثنتي عشرة قبيلة فجرى لكل منهم جدول خاص، يأخذون منه حاجتهم لا يشاركهم فيه غيرهم، وكان موضوع السقيا آية باهرة ومعجزة ظاهرة لسيدنا موسى عليه السلام ومع ذلك كفروا وجحدوا.
اللغَة: ﴿استسقى﴾ طلب السقيا لقومه لأن السين للطلب مثل: استنصر واستخبر قال أبو حيان: الاستسقاء: طلب الماء عند عدمه أو قلته، ومفعوله محذوف أي استسقى موسى ربّه ﴿فانفجرت﴾ الانفجار: الإِنشقاق ومنه سمي الفجر لانشقاق ضوئه، وانفجر وانبجس بمعنى واحد قال تعالى ﴿فانبجست مِنْهُ﴾ [الأعراف: ١٦٠]، ﴿مَّشْرَبَهُمْ﴾ جهة وموضع الشرب ﴿تَعْثَوْاْ﴾ العيث: