المجرمون} أي لا يفوز بالسعادة من ارتكب الإِجرام وكذّب الرسل الكرام ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ﴾ بيانٌ لقبائح المشركين أي ويعبدون الأوثان التي هي جمادات لا تقدر على جلب نفعٍ أو دفع ضر ﴿وَيَقُولُونَ هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله﴾ أي يزعمون أن الأصنام تشفع لهم مع أنها حجارة لا تبصر ولا تسمع ﴿قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السماوات وَلاَ فِي الأرض﴾ ؟ أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين أتخبرون الله تعالى بشريكٍ أو شفيعٍ كائنٍ في السماوات أو الأرض لا يعلمه جلَّ وعلا، وهو علاّم الغيوب الذي أحاط علمه بجميع الكائنات؟ والاستفهام للتهكم والهزء بهم ﴿سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي تنزّه الله وتقدَّس عما يقول الظالمون، وينسبه إِليه المشركون ﴿وَمَا كَانَ الناس إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فاختلفوا﴾ أي وما كان الناس إِلا على دين واحد هو الإِسلام من لدن آدم إِلى نوح فاختلفوا في دينهم وتفرقوا شيعاً وأحزاباً قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإِسلام، ثم وقع الاختلاف بين الناس وعُبدت الأوثان والأصنام فبعث الله الرسل مبشرين ومنذرين ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ﴾ أي ولولا قضاء الله بتأخير الجزاء إِلى يوم القيامة ﴿لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ أي لعُجِّل عقابهم في الدنيا باختلافهم في الدين ﴿وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ﴾ أي ويقول هؤلاء الكفرة المعاندون هلاّ أنزل على محمد معجزة من ربه كما كان للأنبياء من الناقة والعصا واليد ﴿فَقُلْ إِنَّمَا الغيب للَّهِ﴾ أي قل لهم أمر الغيب لله وحده ولا يأتي بالآيات إِلا هو وإِنما أنا مبلّغ ﴿فانتظروا إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المنتظرين﴾ أي فانتظروا قضاء الله بيننا فأنا ممن ينتظر ذلك.
البَلاَغَة: ١ - ﴿الكتاب الحكيم﴾ فعيل بمعنى مفعول أي المُحْكم الذي لا يتطرق إِليه الفساد ولا يعتريه الكذب والتناقض.
٢ - ﴿أَنذِرِ.... وَبَشِّرِ﴾ بينهما طباقٌ.
٣ - ﴿قَدَمَ صِدْقٍ﴾ كناية عن المنزلة الرفيعة، والعبارةُ غايةٌ في البلاغة لأن بالقدم يكون السبق والتقدم، كما سميت النعمة يداً لأنها تُعطى بها.
٤ - ﴿يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ بين كلمتي البدء والإِعادة طباقٌ.
٥ - ﴿لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا﴾ فيه التفاتٌ مع الإِضافة إِلى ضمير الجلالة لتعظيم الأمر وتهويله.
٦ - ﴿الشر استعجالهم بالخير﴾ أي كاستعجالهم أو مثل استعجالهم بالخير ففيه تشبيه مؤكد مجمل، وبين الشر والخير طباقٌ.
٧ - ﴿لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ في الكلام استعارة تمثيلية حيث شبّه حال العباد مع ربهم بحال رعية مع سلطانها في إِمهالهم للنظر في أعمالهم، واستعير الاسم الدال على المشَّبه به للمشبَّه على سبيل التمثيل والتقريب، ولله المثل الأعلى.
٨ - ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ الاستفهام للإِنكار والتوبيخ.