المنَاسَبَة: لما حكى تعالى عن الكافرين طعنهم في أمر النبوة والوحي، ذكر هنا أنَّ منهم من يصدِّق بأن القرآن كلام الرحمن، ولكنه يكابر ويعاند، ومنهم من لا يصدّق به أصلاً لفرط غباوته، وسخافة عقله، واختلال تمييزه... ثم ذكر تعالى أن القرآن شفاء لما في الصدور، وأعقبه بذكر مآل المشركين في الآخرة.
اللغَة: ﴿الصم﴾ جمع أصمّ وهو الذي لا يسمع ﴿بَيَاتاً﴾ ليلاً ﴿تُفِيضُونَ﴾ يقال أفاض فلانٌ في الحديث إذا اندفع فيه ﴿يَعْزُبُ﴾ يخْفى ويغيب ﴿مِّثْقَالِ﴾ وزن ﴿سُلْطَانٍ﴾ حجة وبرهان ﴿سُبْحَانَهُ﴾ تنزيهٌ لله جل وعلا عن النقائص.
التفسِير: ﴿وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ﴾ أي ومن هؤلاء الذين بعثتَ إليهم يا محمد من يؤمن بهذا القرآن ويتبعك وينتفع بما أُرسلت به ﴿وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ﴾ بل يموت على ذلك ويُبعث عليه ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بالمفسدين﴾ أي وهو أعلم بمن يستحق الهداية فيهديه، ومن يستحق الضلالة فيضله ﴿وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ﴾ أي وإن كذَّبك هؤلاء المشركون فقل لي جزاء عملي ولكم جزاء عملكم حقاً كان أو باطلاً ﴿أَنتُمْ بريائون مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ برياء مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ أي لا يؤاخذ أحد بذنب الآخر ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ﴾ أي يستمعون إليك إذا قرأت القرآن وقلوبهم لا تعي شيئاً مما تقرؤه وتتلوه ﴿أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصم﴾ ؟ أي أنت يا محمد لا تقدر أن تسمع من سلبه الله السمع ﴿وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ أي ولو كانوا من الصمم لا يعقلون ولا يتدبرون؟ قال ابن كثير: المعنى ومن هؤلاء من يسمعون كلام الحسن، والقرآن النافع، ولكنْ