دينك، ومنعهم عن طاعتك وتوحيدك ﴿رَبَّنَا اطمس على أَمْوَالِهِمْ﴾ دعاءٌ عليهم أي أهلكْ أموالهم يا ألله وبدِّدْها ﴿واشدد على قُلُوبِهِمْ﴾ أي قسِّ قلوبهم واطبع عليها حتى لا تنشرح للإِيمان قال ابن عباس: أي امنعهم الإِيمان ﴿فَلاَ يُؤْمِنُواْ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم﴾ دعاءٌ عليهم بلفظ النفي أي اللهمَّ فلا يؤمنوا حتى يذوقوا العذاب المؤلم ويوقنوا به حيث لا ينفعهم ذلك، وإِنما دعا عليهم موسى لطغيانهم وشدة ضلالهم، وقد علم بطريق الوحي أنهم لن يؤمنوا فدعا عليهم قال ابن عباس: كان موسى يدعو وهارون يؤمّن فنسبت الدعوة إِليهما ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا﴾ أي قال تعالى قد استجبتُ دعوتكما على فرعون وأشراف قومه ﴿فاستقيما﴾ أي اثبتا على ما أنتم عليه من الدعوة إِلى الله وإِلزام الحجة ﴿وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي لا تسلكا سبيل الجهلة في الاستعجال أو عدم الاطمئنان بوعد الله تعالى، قال الطبري: رُوي أنه مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة ثم أغرق الله فرعون.
البَلاَغَة: ١ - ﴿فَعَلَى الله تَوَكَّلْتُ﴾ تقديم ما حقه التأخير لإِفاده الحصر أي على الله لا على غيره.
٢ - ﴿وَيُحِقُّ الحق﴾ بينهما جناس الاشتقاق.
٣ - ﴿لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً﴾ عبَّر عن الالتباس والستر بالغُمة بطريق الاستعارة أي لا يكن أمركم مغطّى تغطية حيرة ومبهما فيكون كالغمة العمياء.
٤ - ﴿واشدد على قُلُوبِهِمْ﴾ الشدُّ استعارةٌ عن تغليظ العقاب، ومضاعفة العذاب.
تنبيه: قال ابن كثير: دعوة موسى على فرعون كانت غضباً لله ولدينه كما دعا نوح على قومه فقال ﴿رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ﴾ [نوح: ٢٦ - ٢٧] ولهذا استجاب الله لموسى دعوته التي شاركه فيها أخوه هارون، كما استجاب دعوة نوح عليه السلام.