الثوم أوفق للعدس والبصل من الحنطة، واستدل القرطبي على ذلك بقول حسان:
وأنتم أُناسٌ لئامُ الأصول | طعامكم الفوم والحوقل |
المنَاسَبَة: لمّا ذكرهم تعالى بالنعم الجليلة العظيمة، أردف ذلك ببيان ما حلَّ بهم من نقم، جزاء كفرهم وعصيانهم وتمردهم على أوامر الله، فقد كفروا النعمة، ونقضوا الميثاق، واعتدوا في السبت فمسخهم الله إِلى قردة، وهكذا شأن كل أمةٍ عتت عن أمر ربها وعصت رسله.
اللغَة: ﴿مِيثَاقَكُمْ﴾ الميثاق: العهد المؤكد بيمين ونحوه، والمراد به هنا العمل بأحكام التوراة ﴿الطور﴾ هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى عليه السلام ﴿بِقُوَّةٍ﴾ بحزمٍ وعزم ﴿تَوَلَّيْتُمْ﴾ التولي: الإِعراض عن الشيء والإِدبار عنه ﴿خَاسِئِينَ﴾ جمع خاسئ وهو الذليل المهين قال أهل اللغة: الخاسئ: الصاغر المبعد المطرود كالكلب إِذا دنا من الناس قيل له: اخسأ أي تباعد وانطرد صاغراً. ﴿نَكَالاً﴾ النكال: العقوبة الشديدة الزاجرة ولا يقال لكل عقوبة نكالٌ حتى تكون زاجرة رادعة.
التفِسير: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ أي اذكروا يا بني إِسرائيل حين أخذنا منكم العهد المؤكد على العمل بما في التوراة ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطور﴾ أي نتفناه حتى أصبح كالظلة فوقكم وقلنا لكم ﴿خُذُواْ مَآ ءاتيناكم بِقُوَّةٍ﴾ أي اعملوا بما في التوراة بجد وعزيمة ﴿واذكروا مَا فِيهِ﴾ أي احفظوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ أي لتتقوا الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة، أو رجاء منكم أن تكونوا من فريق المتقين ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذلك﴾ أأعرضتم عن الميثاق بعد أخذه ﴿فَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ﴾ أي بقبول التوبة ﴿وَرَحْمَتُهُ﴾ بالعفو عن الزلة ﴿لَكُنْتُم مِّنَ الخاسرين﴾ أي لكنتم من الهالكين في الدنيا والآخرة ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الذين اعتدوا مِنْكُمْ فِي السبت﴾ أي عرفتم ما فعلنا بمن عصى أمرنا حين خالفوا واصطادوا يوم السبت وقد نهيناهم عن ذلك ﴿فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ أي مسخناهم قردة بعد أن كانوا بشراً مع الذلة والإِهانة ﴿فَجَعَلْنَاهَا﴾ أي المسخة ﴿نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا﴾ أي عقوبة زاجرة لمن يأتي بعدها من الأمم ﴿وَمَا خَلْفَهَا﴾ أي جعلنا مسخهم قردة عبرة لمن شهدها