المنَاسَبَة: لا تزال الآيات الكريمة تعدّد جرائم اليهود، وفي هذه الآيات أمثلة صارخة على عدوانهم وطغيانهم وإِفسادهم في الأرض، فقد نقضوا الميثاق الذي أخذ عليهم في التوراة، وقتلوا النفس التي حرّم الله، واستباحوا أكل أموال الناس بالباطل، واعتدوا على إِخوانهم في الدين فأخرجوهم من الديار، فاستحقوا اللعنة والخزي والدمار.
اللغَة: ﴿مِيثَاقَ﴾ الميثاق: العهد المؤكد باليمين غاية التأكيد، فإِن لم يكن مؤكداً سمى عهداً ﴿حُسْناً﴾ الحُسْنُ: اسم عام جامعٌ لمعاني الخير، ومنه لين القول، والأدب الجميل، والخلق الكريم، وضده القُبْح والمعنى: قولوا قولاً حُسْناً فهو صفة لمصدر محذوف ﴿تَوَلَّيْتُمْ﴾ التولّي عن الشيء: الإِعراضُ عنه ورفضُه وعدم قبوله كقوله ﴿عَن مَّن تولى عَن ذِكْرِنَا﴾ [النجم: ٢٩] وفرّق بعضهم بين التولي والإِعراض فقال: التولي بالجسم، والإِعراضُ بالقلب ﴿تَظَاهَرُونَ﴾ تتعاونون وهو مضارع حذف منه أحد التاءين، كأن المتظاهرين يسند كل واحد منهما ظهره إِلى الآخر، والظهير: المعنى ﴿الإثم﴾ الذنب الذي يستحق صاحبه الملامة وجمعه آثام ﴿وَالْعُدْوَانِ﴾ تجاوز الحد في الظلم ﴿خِزْيٌ﴾ الخزي: الهوان والمقت والعقوبة.
التفِسير: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بني إِسْرَائِيلَ﴾ أي اذكروا حين أخذنا على أسلافكم يا معشر اليهود العهد المؤكد غاية التأكيد ﴿لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله﴾ بأن لا تعبدوا غير الله ﴿وبالوالدين إِحْسَاناً﴾ أي وأمرناهم بأن يحسنوا إِلى الوالدين إِحساناً ﴿وَذِي القربى واليتامى والمساكين﴾ أي وأن يحسنوا أيضاً إلى الأقرباء، واليتامى الذين مات آباؤهم وهم صغار، والمساكين الذين عجزوا عن الكسب ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ أي قولاً حسناً بخفض الجناح، ولين الجانب، مع الكلام الطيّب ﴿وَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكاة﴾ أي صلوا وزكّوا كما فرض الله عليكم من أداء الركنين العظيمين «الصلاة، والزكاة»