مَعَهُمْ} أي يكفرون بالقرآن مع أنه هو الحق موافقاً لما معهم من كلام الله ﴿قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ الله مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ أي قل لهم يا محمد إِذا كان إيمانكم بما في التوراة صحيحا فلم كنتم تقتلون أنبياء الله من قبل إذا كنتم فعلاً مؤمنين؟ ﴿وَلَقَدْ جَآءَكُمْ موسى بالبينات﴾ أي بالحجج الباهرات ﴿ثُمَّ اتخذتم العجل مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾ أي عبدتم العجل من بعد ذهابه إلى الطور، وأنتم ظالمون في هذا الصنيع.
البَلاَغَة: ١ - تقديم المفعول في الموضعين ﴿فَرِيقاً كَذَّبْتُمْ﴾ و ﴿فَرِيقاً تَقْتُلُونَ﴾ للإهتمام وتشويق السامع إِلى ما يلقى إِليه.
٢ - التعبير بالمضارع ﴿وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ﴾ ولم يقل قتلتم كما قال كذبتم، لأن الفعل المضارع - كما هو المألوف في أساليب البلاغة - يستعمل في الأفعال الماضية التي بلغت من الفظاعة مبلغاً عظيماً، فكأنه أحضر صورة قتل الأنبياء أمام السامع، وجعله ينظر إِليها بعينه، فيكون إِنكاره لها أبلغ، واستفظاعه لها أعظم.
٣ - وضع الظاهر مكان الضمير ﴿فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين﴾ ولم يقل «عليهم» ليشعر بأن سبب حلول اللعنة هو كفرهم.
٤ - الخبر في قوله ﴿وَلَقَدْ جَآءَكُمْ موسى بالبينات﴾ يراد به التبكيت والتوبيخ على عدم اتباع الرسول.
٥ - أسندت الإِهانة إِلى العذاب فقال ﴿عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ لأن الإِهانة تحصل بعذابهم، ومن أساليب البيان إسناد الأفعال إِلى أسبابها.
فَائِدَة: قال الحسن البصري: إنما سمي جبريل «روح القدس» لأن القدس هو الله، وروحه جبريل، فالإِضافة للتشريف، قال الرازي: ومما يدل على أن روح القدس جبريل قوله تعالى في سورة النحل ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القدس مِن رَّبِّكَ بالحق﴾ [الآية: ١٠٢].


الصفحة التالية
Icon